للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ...} (١)، وأولي الأمر هنا أهل الفقه في الدين.

والصلاة والسلام، على الرحمة المهداة، الذي كان المقصد من رسالته وشريعته، إلحاق الرحمة بالعالمين، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (٢)، الذي بَيَّن أنَّ خيريَّة الأمة المسلمة، إنما هي بسبب التفقُّه في الدين، وأنَّ استرداد هذه الخيريَّة اليوم، مَنُوط في الفقه في الدين فقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ" (أخرجه البخاري).

ذلك أنَّ الفقه في الدين، ومعرفة مقاصد التشريع، مؤشِّر الخيريَّة، وأن الكثير من الإصابات والهزائم والعجز عن النهوض، كان بسبب غياب الفقه الصحيح بالدين، والقعود عن النُّفْرة للتفقُّه في الدين.

ولقد أشار القرآن في مواضع كثيرة، إلى أن السقوط والهزيمة تتأتَّى من غياب الوعي، والفقه، بالمعنى العام. وكثيراً ما عَلَّلت الآياتُ، سبب الهزائم بوصف المهزومين بقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} (٣).

ونسارع إلى القول: بأن الفقه في الدين، لا يتحقق بحفظ الأحكام الشرعية فقط، فقد يكون هذا حَمْلًا للفقه، وليس فِقْهاً، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أفقَهُ مِنْهُ" (أخرجه الترمذي).


(١) النساء: ٨٣.
(٢) الأنبياء: ١٠٧.
(٣) الحشر: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>