للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقلي سُمِّيت تخيّلاً. وهذا هو المعنى المضبوط للتخيّل. والمعاني التخيّلية يقال إنها مقدمات ليس المقصود منها التصديق بها، بل المقصود تخييل شيء أنه شيء آخر على سبيل المحاكاة لقصد تنفير أو ترغيب، مثل تخيّل التهوّر شجاعة في قول سعد بن ناشب، وتخيّل الجبن احتياطاً وحكمة في كلام الحارث بن هشام المخزومي، وتشبيه الغِيبة بأكل الميتة في القرآن الكريم (١).

وينبه الإمام إلى أن بناء الأحكام الفقهية التي يحرص عليها الأئمة المجتهدون يقتضي أولاً أن الحقائق والاعتبارات المتصلة بها لا تختلف في نفوس البشر وعوائدهم، فهي فطرية. ومن هذا يُستخلص الأصل الذي يمكن اعتماده، والبناء عليه. وهو أن دعوة الإسلام إلى الحقيقة ونبذ الأوهام تلوح في جميع أنحاء التشريع: في الاعتقادات والعبادات والمعاملات وفي المعارف. وقد فصّل القول في ذلك ذاكراً من الأمثلة في كل قسم ما يوضح هذا الأصل ويؤكّده.

فهو في الاعتقادات يرجع إلى قضية وجود الخالق ووصفه بصفات الكمال وتنزيهه عن النقائص. ولدعم هذا الأصل في مجال العقيدة ورد عن الشارع قوله: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (٢)، وقوله: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (٣).

ومثّل له في العبادات بإفشاء السلام وتشييع الجنائز والمواساة. فقد نعى الله على المشركين أن يعظموا الشهر الحرام، وينتهكوا ما هو أعظم حرمة كحرمة المؤمنين وحرمة البلد الحرام، إذ أخرجوا


(١) أصول النظام الاجتماعي: بتصرّف ٢٨ - ٣١.
(٢) سورة النحل، الآية: ٧٤.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>