للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا الأساس ألغَى الإجماعُ رضاعةَ الكبير. ولا بدع في هذا. فالتشريعات في أول إقامتها يكتفى فيها بما يؤذن بحرمة التشريع تهيئة لعمل الناس بها في المستقبل (١).

[الخطاب الشرعي أو النصوص التشريعية]

أبرز ما يصوّر هذا الموضوع في القسم الأول من كتاب المقاصد فصلان السادس والسابع المتواليان. فبعد تفصيل المؤلف القول في إثبات أن للشريعة مقاصدَ من التشريع في الجملة، واستنادِه في ذلك إلى أدلة كثيرة من الكتاب والسُّنة (٢)، وبعد تنبيهه على احتياج الفقيه إلى معرفة مقاصد الشريعة، وتوجيهه الدارسين إلى طرق إثبات تلك المقاصد عند الأصوليين وغيرهم من علماء السلف (٣)؛ انتهى إلى محورين أساسيين في علم المقاصد يتناولان مسائل كثيرة الفائدة، عظيمة الأهمية، نلمس من خلالهما بحثاً عن أدلة الشريعة اللفظية، وعن عدم استغنائها عن معرفة المقاصد الشرعية، وعما يعرض للرسول - صلى الله عليه وسلم - من أحوال وظروف مختلفة تُدْعى مقامات. وهي التي يتكيّف خطابه بحسبها فتتمايز بها أقواله وأفعاله تبعاً لذلك، وتحمل من المعاني والإشارات ما يخفى إدراكه على كثير من الناس بسبب انصرافهم عن ملاحظة أسباب القول ودواعيه وحافاته. فالنظر في نصوص السُّنة مثلاً يقتضي التفريق بين ما له اتصال بمقام التشريع كالتبليغ والقضاء والفتوى، وبين ما لا صلة له بذلك مثل مقامات الإرشاد والهدي والنصيحة وغيرها.

وقد دعت هذه الآثار في ذاتها وباختلاف مناهجها إلى تقرير


(١) المقاصد: ٧٧، ٣٣١، ٣٣٢.
(٢) المقاصد: ٣٥ - ٣٩.
(٣) المقاصد: ٤٠ - ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>