للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الأمثلة لبعض هذه الحالات حديث:

"من قتل قتيلاً فله سلَبه". اختلف العلماء هل هذا تصرّف بالإمامة. فلا يستحق سلب المقتول إلا أن يقول له الإمام ذلك. ورآه الشافعي تصرّفاً بالفتوى فلا يحتاج إلى إذن الإمام. وخالف الإمام مالك ما ذهب إليه الشافعي لقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (١). وهذه الآية جَعَلت في السَلب: الخُمس لله وبقيته للغانمين. والآية مقدمة على الحديث، ولأنّ إباحة السَلب للقاتل بدون إذن الإمام تفضي إلى فساد الأخلاق (٢).

وقد حملت هذه الاجتهادات الشيخ ابن عاشور على القول بفتح مشكاة تضيء مشكلات كثيرة، لم تزل تعنت الخلق وتُشجي الحلق. وكان الصحابة يفرّقون بين ما كان من أوامر الرسول - صلى الله عليه وسلم - صادراً في مقام التشريع، وما كان منها صادراً في غير مقام التشريع. وإذا أشكل عليهم أمرٌ سألوا عنه (٣).

وعقّب المؤلف على هذا بقوله: أما حال الإمارة فأكثر تصاريفه لا يكاد يشتبه بأحوال الانتصاب للتشريع إلا فيما يقع خلال أحوال بعض الحروب مما يحتمل خصوصية كالنهي عن أكل لحوم الحُمر الأهلية في غزوة خيبر (٤).

وللمقام في مجال التأويل والاجتهاد فوائد كثيرة معتبرة:

منها رفع الاحتمالات الكثيرة التي يثبت بالنظر معارضتها للخطاب.


(١) سورة الأنفال، الآية: ٢١.
(٢) المقاصد: ٩٥ - ٩٦. تع ١.
(٣) المقاصد: ٩٦
(٤) المقاصد: ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>