للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاصل بين أئمة الفقه في تحديد معنى الذي بيده عقدة النكاح، وإسناد العفو إليه في قوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} فحمله مالك على الأب في ابنته البكر والسيد في أمته؛ لأن هذين يعقد لهما بغير إذن. وذهب الشافعي إلى جعل العفو المذكور من حق الزوج لأن بيده حل النكاح بالطلاق (١).

وجاء بضروب كثيرة من المعاملات منهي عنها مثل المزابنة لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله عن بيع التمر بالرطب. قال: "أينقص الرطب إذا جف؟ ". قال: نعم. قال: "لا إِذَن". وعلّة التحريم في المزابنة: الجهل بمقدار أحد العوضين.

وكذلك النهي عن بيع الجزاف بالمكيل إلا أن يأتي كل منهما على أصله كقطعة أرض جزافاً وإردبّ قمح بكذا. وعلّة منعه الجهل بأحد العوضين، كما ذهب إليه الفقهاء بطريق استنباط العلّة. ويُستخلص من صور النهي عن هذه المعاملات مقصد شرعي هو إبطال الغرر في المعاوضات.

ونهيُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أن يخطب المسلم على خِطبة أخيه أو يسوم على سومه، مشهور ومعروف. أخرجه مالك في الموطأ والبخاري في صحيحه. وعلّة النهي فيه ما في هذين التصرّفين من الوحشة. وقصد الشرع من النهي دوام الأخوة بين المسلمين.

وكذلك النهي عن بيع الطعام قبل قبضه، طلباً لرواج الطعام في الأسواق. وبيع الطعام بالطعام نسيئة، إذا حُمل على إطلاقه عند الجمهور، وعلّته تَفادي بقاء الطعام في الذمَّة فيفوت الرواج. ومنها


(١) المقاصد: ٥٣ - ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>