للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأذكار والدعاء والإكثار من ذلك، وليحرصْ على التلبية، فهذا آخر زمنها، وربما لا يقدر له في عمره تلبية بعدها، انتهى.

فإذا انصرف منه، وبلغ وادي محسِّر، وهو مسيل ماء فاصل بين مزدلفة ومنى، وقيل: إنه من منى، قال الأرزقي: هو خمس مئة ذراع، وخمسة وأربعون ذراعاً، أسرعَ قدرَ رمية حجر بالاتفاق، وكان وادي محسِّر موقفاً للنصارى والعرب يقفون فيه ويذكرون مفاخر آبائهم، فاستحب الشارع مخالفتَهم بالإسراع، وحكى الرافعي وجهاً ضعيفاً: أنه لا يستحب الإسراع للماشي، ويسمى وادي محسر: وادي النار؛ لأنه يقال: إن رجلاً صاد فيه صيداً، فنزلت عليه نار فأحرقته، فإذا خرج من وادي محسر، فالمستحب أن يسلك الطريق الوسطى التي تخرج إلى العقبة اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وبين كل مشعرين برزخ ليس منهما، فبين عرفة ومزدلفة بطنُ عُرنة، وبين مزدلفة ومنى بطنُ مُحسر، فمنى من الحرم، وهي مشعر، ومحسر من الحرم، وليس بمشعر، ومزدلفة مشعر وحرم، وعرنة ليس بمشعر، وهي من الحل.

[١١ - فصل في رمي جمرة العقبة يوم النحر]

إذا وصل إلى منى، يستحب ألا يعرج على شيء من نزول أو حط رحل أو غير ذلك حتى يرمي جمرة العقبة بالاتفاق، وهو تحية منى، وهي في آخر منى مما يلي مكة المشرفة، وهي الجمرة الكبرى، ولا يرمي يوم النحر غيرها، فإذا وصل إليها، فالأفضل عند الشافعية، والحنفية، والمالكية: أن يقف تحتها، ويجعل مكة عن يساره، ومنى عن يمينه، ويستقبل الجمرة، هذا هو الذي صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، ومذهب الحنابلة: أن الأفضل أن يستبطن الوادي، ويقف مستقبل القبلة، ويرميها عن يمينه.

وقال الشافعية: يقصد المرمى، وهو مجمع الحصى عند البناء الشاخص هناك، لا ما سال من الحصى، يرمي سبع حصيات في سبع مرات بيده، وهذا مقتضى قول الحنابلة، وعند الحنفية: يرمي بسبع حصيات في سبع مرات، فإن وقعت عند الجمرة أو قريباً منها، أجزأه، وإن وقعت بعيداً منها، لم يجزه، وقال

<<  <   >  >>