للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إبراهيم النخعي: أنه قال: كانوا إذا قضوا حجهم، تصدقوا بشيء، ويقولوا: اللهم هذا عما لا يعلم، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

[٢١ - فصل في زيارة المساجد وأبنية مكة]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أما المساجد التي بُنيت بمكة غير المسجد الحرام؛ كالمسجد الذي تحت الصفا، والذي في سفح أبي قبيس، ونحو ذلك من المساجد التي بنيت على آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؛ كمسجد المولد وغيره، فليس قصدُ شيء من ذلك من السنة، ولا استحبه أحد من الأئمة، وإنما المشروع إتيان المسجد الحرام، والمشاعر، ومزدلفة، ومنى، ومثل جبل حراء، والجبل الذي عند منى الذي يقال: إنه كان فيه قبة النداء، ونحوه؛ فإنه ليس من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - زيارةُ شيء من ذلك، بل هو بدعة.

وكذلك ما يوجد في الطرقات من المساجد المبنية على آثار البقاع التي يقال: إنها من الآثار، فلم يشرع النبي - صلى الله عليه وسلم - قصد شيء من ذلك بخصوصه، ولا زيارة شيء من ذلك، انتهى كلامه.

نعم، أجمع العلماء على استحباب زيارة المسجد الأقصى، والصلاة فيه، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن الصلاة فيه كألف صلاة، وزيارته عبادة مستقلة لا تعلق لها بالحج، وما يرويه العوام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله: من زراني، وزار أبي إبراهيم في عام واحد، ضمنتُ له الجنة، فحديث موضوع لا أصلَ له.

وبالجملة: فإذا كانت مساجد الآثار حكمُها كذلك، فما بال الأبنيةِ المستحدثة في نفس المسجد الحرام؛ فإنها بدعة مكروهة.

قال الشوكاني في "إرشاد السائل إلى دليل المسائل" مجيباً لبعض العلماء السائلين عن المواضع المستحدثة في الحرم الشريف؛ كالمقامات والمنارات، والتعلية في البيوت زيادةً على الحاجة ما نصه: أقول: عِمارة المقامات بدعة بإجماع المسلمين، أحدثَها شرُّ ملوك الجراكسة فرج بن برقوق (١) في أوائل المئة


(١) هو الملك الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق، من سلاطين المماليك البرجيين في مصر، مات قتيلاً ٨١٥ هـ ١٤١٢ م.

<<  <   >  >>