للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمر الثاني: مشابهة الكافرين فيما أحدثوه مما ليس في دينهم، وبيان هذا في القاعدة التالية لهذه القاعدة.

والابتداع يقع بمشابهة الكافرين من جهة كونه خروجًا على نظام الدين لأن التشبه بالكافرين أصل دروس الدين وشرائعه، وظهور الكفر والمعاصي، كما أن المحافظة على سنن الأنبياء وشرائعهم أصل كل خير.

ولهذا عظم وقع البدع في الدين، وإن لم يكن فيها تشبه بالكفار فكيف إذا جمعت بين الوصفين! (١).

ومن هنا كانت مخالفة الكافرين أمرًا مقصودًا شرعًا؛ إذ المقصود من إرسال الرسل أن يظهر دين الله على الدين كله، فيكون نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد البعثة (٢).

يوضح ذلك أن اليهود عرفوا باستحلال المحرمات وارتكابها بالحيل الباطلة، كما أن النصارى عرفوا بالغلو والزيادة في الدين على الحد المشروع، وكلا هذين الأمرين بدعة أو ذريعة إلى البدعة.

ولهذا كان السلف يقولون: (إن من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى) (٣).


(١) انظر اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٣١٠، ٤٢٤).
(٢) انظر المصدر السابق (١/ ١٧٣، ١٨٢)، والأمر بالإتباع (١٥٠).
(٣) اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ٦٧).

<<  <   >  >>