للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقصود أن الذرائع التي تفضي إلى البدعة لا تمنع بكل حال، وإنما يمنع من هذه الذرائع ما كان إفضاؤه إلى البدعة غالبًا معتادًا.

الشرط الثالث: ألا يترتب على اعتبار هذه الذريعة المفضية إلى البدعة بسدها والمنع منها مفسدة أخرى أعظم من مفسدة البدعة.

أما إن ترتب على سد الذريعة المفضية إلى البدعة الوقوعُ في مفسدة أعظم فالواجب ها هنا ارتكاب أدنى المفسدتين دفعًا لأعلاهما، ويكون ذلك بارتكاب مفسدة البدعة؛ إذ هي أدنى المفسدتين.

مثال ذلك: أن الإمام أحمد قيل له عن بعض الأمراء: إنه أنفق على مصحف ألف دينار فقال: دعهم، فهذا أفضل ما أنفقوا فيه الذهب.

قال ابن تيمية تعليقًا على ذلك: (مع أن مذهبه [أي الإمام أحمد] أن زخرفة المصاحف مكروهة.

وقد تأوَّل بعض الأصحاب أنه أنفقها في تجويد الورق والخط.

وليس مقصود أحمد هذا، إنما قصده أن هذا العمل فيه مصلحة، وفيه أيضًا مفسدة كُره لأجلها.

فهؤلاء إن لم يفعلوا هذا وإلا اعتاضوا بفساد لا صلاح فيه؛ مثل أن ينفقها في كتاب من كتب الفجور؛ من كتب الأسمار أو الأشعار، أو حكمة فارس والروم) (١).


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٦١٧ - ٦١٨).

<<  <   >  >>