للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثل هذا يقال أيضًا في حق السلف الصالح، فإن المعنى المقتضي للإحداث - وهو الرغبة في الخير والاستكثار من الطاعة - كان أتم في السلف الصالح؛ لأنهم كانوا أحق بالسبق إلى الفضل وأرغب في الخير ممن أتى بعدهم.

وهذا بخلاف غير العبادات من الأعمال، فإن المقتضي لفعلها قد يوجد في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي حق السلف، وقد لا يوجد (١).

السؤال الثالث: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ربما لم يفعل بعض العبادات وتركها مع قيام المقتضي لفعلها؛ رحمة منه بأمته، وشفقة عليهم؛ كما ترك - صلى الله عليه وسلم - الاجتماع في صلاة التراويح خشية أن يُكتب على أمته، فهذا هو المانع الذي لأجله ترك - صلى الله عليه وسلم - فعل بعض العبادات، وترْكُه - صلى الله عليه وسلم - مع وجود مانع - كما تقرر - لا يكون حجة.

والجواب: أن هذا يفتح باب الإحداث في الدين على الإطلاق، فمن زاد في أعداد الصلوات، أو أعداد الركعات أو صيام شهر رمضان أو الحج أمكنه أن يقول: هذه زيادة مشروعة، وهي عمل صالح، والرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما تركها رحمة بأمته.

بل الصواب أن يُنظر فيما تركه - صلى الله عليه وسلم - من العبادات: هل تركه كذلك صحابته من بعده رضي الله عنهم والتابعون لهم؟


(١) انظر الاعتصام (١/ ٣٦٨).

<<  <   >  >>