للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعمل أهل المدينة الذين لا يعتبرونها من القرآن الكريم، وعمل أهل المدينة حجة عند المالكية؛ لأنهم أعلم الناس بأحوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما كان يعمله، وأن البسملة في أوائل السور للفصل بينها فقط (١)، وفي الحديث القدسي "قَسَمْتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الحمد لله ... ".

القول الثالث: أن البسملة آية واحدة من القرآن الكريم، وليست جزءًا من أوائل السور، بل وضعت للفصل بينها والتبرك فيها، وهو قول الحنفية، واستدلوا على كونها آية أنها كتبت في القرآن بأمر رسول الله، وأنها داخلة بين دفتي المصحف ومكتوبة بخط القرآن الكريم، وأن تواترها في أوائل السور لا يستلزم تواترها كآية، وإنما أنزلت للفصل، لحديث ابن عباس السابق، كما ترك قراءتها نصف القراء؛ لأنه ثبت عندهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تركها عند قراءة السور، وقراءة القراء متواترة، ولهذه الاحتمالات والشبه فإن منكرها لا يكفر (٢).

قال الشوكاني: والحق أنها آية في كل سورة لوجودها في رسم المصحف، وذلك هو الركن الأعظم في إثبات القرآنية للقرآن، ثم الإجماع على ثبوتها خطأ في المصحف في أوائل السور، ولم يخالف في ذلك من لم يثبت كونها قرآنًا من القراء وغيرهم، وبهذا حصل الركن الثاني وهو النقل مع كونه نقلًا إجماعيًّا بين جميع الطوائف، وأما الركن الثالث وهو موافقتها للوجه الإعرابي والمعنى العربي فذلك ظاهر (٣).


(١) المراجع السابقة، شرح الكوكب المنير: ٢ ص ١٢٤.
(٢) فواتح الرحموت: ٢ ص ١٤، تيسير التحرير: ٣ ص ٧، شرح الكوكب المنير: ٢ ص ١٢٤، أصول السرخسي: ١ ص ٢٨٠، التلويح والتوضيح: ١ ص ١٥٩، ١٦١، كشف الأسرار: ١ ص ٢٣، والقراءات السبع المنسوبة إلى الأئمة السبعة، وهم نافع وابن كثير، وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي، قراءات متواترة.
(٣) إرشاد الفحول، له: ص ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>