للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل لك من إبل؟ " قال: نعم، قال: "فما ألوانها؟ " قال: حُمر، قال: "فهل فيها من أَوْرق؟ " قال: إن فيها لوُرْقًا، قال: "فأنّى أتاها ذلك؟ " قال: عسى أن يكون نزعه عرق، قال: "وهذا عسى أن يكون نزعه عرق (١) ".

ثالثًا: الإجماع:

ثبت عن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم اجتهدوا رأيهم، وقاسوا الأمور على أمثالها، وتكرر ذلك وشاع ولم ينكر عليهم أحد، فكان إجماعًا منهم على حجية القياس (٢)، قال ابن عقيل الحنبلي: وقد بلغ التواتر المعنوي عن الصحابة باستعماله وهو قطعي (٣).

مثاله أن أبا بكر قاس في الكلالة الوالد على الولد في قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: ١٧٦] فقال أبو بكر لما سئل عن الكلالة، أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، الكلالة ما عدا الوالد والولد.

وقال عمر في رسالته المشهورة لأبي موسى الأشعري: "اعرف الأشباه والنظائر، وقس الأمور برأيك" (٤).


(١) أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي، والأورق: الأسمر، جمع وُرْق: الذي لونه لون الرماد، وانظر كتاب أقيسة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لابن الحنبلي، طبع دار الكتب الحديثة بالقاهرة، ١٣٩٣ هـ/ ١٩٧٣ م.
(٢) حاشية العطار على جمع الجوامع: ٢ ص ٢٤٩، المستصفى: ٢ ص ٢٤٢، وفيه أمثلة كثيرة، أصول السرخسي: ٢ ص ١١٨.
(٣) إرشاد الفحول: ص ٢٠٣.
(٤) انظر رسالة عمر مع شرحها الوافي في أعلام الموقعين: ١ ص ٩٠، ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>