للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاعدة، وتطبيقها على بعض الفروع، فيه فساد وحرج.

صورته: أن تقع حادثة ليس فيها حكم، ولها وجهتان مختلفتان، الأولى ظاهرة توجب حكمًا ظاهرًا للمجتهد، والأخرى خفية توجب حكمًا دقيقًا، لا يصل إليه المجتهد إلا بعد النظر والتدقيق، فيرجح المجتهد الحكم الخفي، لدليل خاص، على الحكم الظاهر الجلي، ويسمى عمله هذا استحسانًا، وكذا إذا ترجح بنفس المجتهد دليل يوجب استثناء جزئية معينة من حكم كلي أو قاعدة عامة، فيكون هذا استحسانًا.

مثال الأول: التحالف: الأصل أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، ويطبق هذا الأصل على كل قياس، فتكون اليمين على المدعى عليه، وليس على المدعي يمين وإنما عليه البينة، ولكن فقهاء الحنفية قالوا: إذا اختلف البائع والمشتري في مقدار الثمن قبل القبض، فادعى البائع أنه ألفان، وادعى المشتري أنه ألف، فيتحالفان استحسانًا وهو الراجح (١).

والسبب في ترجيح الاستحسان هنا على القياس أن البائع مدَّعٍ من حيث الظاهر للألفين، ولكنه يعتبر منكرًا لحق المشتري في تسليم المبيع، والمشتري ينكر الزيادة ظاهرًا، ويدعي حق تسليم المبيع ضمنًا، فصار كل منها مدعيًا ومنكرًا في آن واحد، فيتحالفان (٢).

مثال الثاني: ضمان الأجير المشترك (٣)، فالأصل أن الأمين لا يضمن


(١) التحالف: هو أن يقسم كل من البائع والمشتري يمينًا على دعواه.
(٢) فتح القدير: ٦ ص ١٨٤، تبيين الحقائق: ٤ ص ٣٠٥، كشف الأسرار: ٤ ص ١١٣١، وانظر تفصيل هذا المثال ومقارنة المذاهب وآراء العلماء في رسالتنا: وسائل الإثبات: ٢ ص ٦٨٤.
(٣) وهو قول المالكية والصاحبين من الحنفية، وقال الشافعي في الأظهر: لا يضمن =

<<  <  ج: ص:  >  >>