للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أدلة الشرع، وأن استنباط الأحكام بالاستحسان هوى وتلذذ وتعسف، وأنه من استحسن فقد شرع من عند نفسه (١)، وعرفه الغزالي فقال: هو ما يستحسنه المجتهد بعقله (٢)، وهو مذهب الشافعية والمالكية (٣)، وضرب الشافعي مثلًا لذلك كمن يتجه في الصلاة إلى جهة يستحسن أنها الكعبة، بغير دليل.

يقول الشافعي رحمه الله: فإن القول بما استحسن شيء يحدثه لا على مثال سابق (٤)، أي من الكتاب والسنة، واستدل الشافعي على ذلك بأن الاستحسان إن كان مع وجود نص فهو معارض للنص، وإن لم يكن نص في المسألة فهو تعطيل للقياس، وكذا الأمرين غير جائز، فالحكم الشرعي يكون بنص أو إجماع أو اجتهاد، والاجتهاد هو القياس، وإذا تعطل القياس جاز لأهل العقول أن يشرعوا من عندهم بما تستحسنه عقولهم، قال الشافعي: ولم يجعل الله لأحد بعد رسول الله أن يقول إلا من جهة علم مضى قبله، وجهة العلم بعده الكتاب والسنة والإجماع والآثار وما وصفت من القياس عليها (٥)، وأن إجماع الأمة أنه


(١) اشتهرت هذه العبارة عن الإمام الشافعي وكررها الناس عنه، ولم تثبت في كتبه، لكن قال في "الأم": "من قال بالاستحسان فقد قال قولًا عظيمًا ووضع نفسه في رأيه واستحسانه على غير كتاب ولا سنة فوضعها في أن يتبع رأيه" (العطار على جمع الجوامع ٢/ ٣٦٥).
(٢) المستصفى: ١ ص ٢٧٤.
(٣) الرسالة: ص ٢٥، ٥٠٥، ٥١٧، جمع الجوامع: ٢ ص ٣٩٤، الحدود في الأصول، الباجي: ص ٦٥، تنقيح الفصول: ص ١٤٨، الإحكام، لابن حزم: ٢ ص ٧٥٧، أثر الأدلة المختلف فيها: ص ١٣٠، بينما نقل الإِمام مالك أنه قال: "تسعة أعشار العلم الاستحسان، الموافقات: ٤/ ١٣٧.
(٤) الرسالة: ص ٢٥.
(٥) الرسالة: ص ٥٠٨، الأم: ٧ ص ٢٧١، المستصفى: ١ ص ٢٧٥، جمع الجوامع: ٢ ص ٣٩٥، وقد كتب الإمام الشافعي كتابًا سماه إبطال الاستحسان مع كتابه الأم.

<<  <  ج: ص:  >  >>