للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مرتبة العرف بين مصادر التشريع]

العرف الصحيح يعتبر دليلًا شرعيًّا وحجة للأحكام عند فقد النص والإجماع، وقد يقدم على القياس، فيعدل المجتهد بسببه عن القياس إلى الاستحسان كما هو عند الحنفية، مثل تعارف الناس على عقد الاستصناع، كما أن العرف يخصص العام (١)، فمن حلف أن لا يأكل لحمًا فأكل سمكًا فلا يحنث، مع أن لفظ اللحم عام يشمل الحيوان والطير والسمك وورد القرآن الكريم به فقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: ١٤].

وإن الأحكام المبنية على العرف تتغير بتغير الأعراف، وهو المراد من القاعدة الفقهية القائلة "لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان".

قال النووي رحمه اللَّه تعالى: "فهل تجري العادة المطردة مجرى الإباحة؟ فيه وجهان: أصحهما تجري" وقال: "فإن جهلت العادة فوجهان، وأصحهما يحل لاطراد العادة المستمرة بذلك" (٢).

وقال السيوطي رحمه اللَّه تعالى: "اعلم أن اعتبار العادة والعرف رجع إليه في الفقه في مسائل لا تعد كثرة، فمن ذلك ... " (٣).


(١) أصول الفقه، أبو زهرة: ص ٢٦٢، تيسير التحرير: ٣ ص ٣١٧.
(٢) المجموع: ٩/ ١٥٠، ١٥٣.
(٣) الأشباه والنظائر، له: ص ٩٠، وانظر المبسوط للسرخسي: ١٢/ ٤٥، البدائع للكاساني: ٦/ ٢٢٠ ط قديمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>