للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولين إجماع منهم على عدم القول الثالث، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "أصْحابي كالنُّجوم بأيِّهم اقتدَيْتم اهتدَيْتُم" (١)، وغيره من الأحاديث، وأن اللَّه تعالى مدح وأثنى على التابعين باتباعهم الصحابة فقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: ١٠٠]، وأن الظاهر من حال الصحابة أن قولهم مستند إلى سماع، وإن لم يكن سماع فرأيهم أقوى من رأي غيرهم (٢).

القول الثاني: وهو قول الإمام الشافعي والإمام أحمد، فقالا بعدم اعتبار قول الصحابي حجة، فيجوز اتباعه، ويجوز مخالفته، وأن العمل والاتباع يعتمد على الأدلة التي احتج بها الصحابة بالفتوى والاجتهاد والقضاء، وليس بأقوالهم (٣).

واستدلوا على ذلك بأن الصحابي ليس مشرعًا، وليس معصومًا، وكما جاز للصحابي أن يخالف صحابيًّا آخر -باتفاق العلماء- جاز للتابعين وبقية المسلمين مخالفته أيضًا، وأن التابعين خالفوا الصحابة في أقوالهم واجتهاداتهم، ولم ينكر عليهم الصحابة، وأن الصحابي مجتهد كغيره من المجتهدين، ويحرم على المجتهد تقليد مجتهد آخر (٤).

وقال النووي الشافعي رحمه اللَّه تعالى: "فاختار الغزالي في المستصفى أنه ليس بحجة، والصحيح الذي عليه جماهير الأصحاب أنه


(١) رواه البيهقي وأسنده الديلمي عن ابن عباس بلفظ آخر، كشف الخفا: ٢ ص ١٤٦.
(٢) تسهيل الوصول: ص ١٦٨، والمستصفى: ٢ ص ٢٦٢، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ١٣٥، الإحكام، الآمدي: ٤ ص ١٣١.
(٣) المستصفى: ٢ ص ٢٦٨، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ١٣٥، الإحكام، الآمدي: ٤ ص ١٣٠، أثر الأدلة المختلف فيها: ص ٣٤٠.
(٤) تيسير التحرير: ٣ ص ١٣٥، جمع الجوامع وحاشية العطار: ٢ ص ٣٩٦، المستصفى: ٢ ص ٢٦١، الإحكام، الآمدي: ٤ ص ١٣٣، أثر الأدلة المختلف فيها: ص ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>