للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثوب النجس للطهارة عند بني إسرائيل.

الحالة الثالثة: إذا قصَّ القرآن الكريم حكمًا أو ثبت في السنة، ولم يرد في القرآن الكريم أو السنة ما يدل على إقراره أو إلغائه مثل قوله تعالي: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنّ} [المائدة: ٤٥].

فهذه الحالة اختلف العلماء في اعتبارها حجة ومصدرًا تشريعيًّا على قولين:

القول الأول: أنها حجة علينا وتشريع لنا يجب اتباعه وتطبيقه، وذهب إلى ذلك الحنفية والحنابلة وبعض المالكية وبعض الشافعية (١).

واحتجوا بقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: ٩٠]، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجع إلى التوراة في رجم اليهودي، وأن شرع من قبلنا شرع لنبي سابق، وأن وروده في مصادر شريعتنا دون أن يرد له ناسخ قرينة على أنه شرع لنا وأنه إقرار علينا، وأن الأصل هو وحدة الشرائع السماوية، وأن عقيدتنا تأمرنا باتباع الرسل السابقين والاهتداء بهم، وأن القصاص بالنفس ثابت عندنا بالاتفاق مع أن الآية تتكلم عن بني إسرائيل.

ويتفرع عن ذلك أن الإمام أبا حنيفة قال بالقصاص بين الرجل والمرأة لإطلاق الآية {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وأن الإمام محمدًا احتج لصحة المهايأة والقسمة بقوله تعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} [القمر: ٢٨]، وقوله تعالى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥)} [الشعراء: ١٥٥]، والآيتان


(١) التوضيح على التنقيح: ٢ ص ٢٧٦، كشف الأسرار: ٣ ص ٩٣٢، تيسير التحرير: ٣ ص ١٣١، تسهيل الوصول: ص ١٦٦، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ١٣٤، إرشاد الفحول: ص ٢٣٩، أصول السرخسي: ٢ ص ٩٩ وما بعدها، أثر الأدلة المختلف فيها: ص ٥٣٤، العضد: ٢/ ٢٨٦، شرح الكوكب المنيرة ٤/ ٤١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>