للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتضليل، فصان أدلة الشريعة، وحفظ حجج الأحكام، وعرف الناس بمصادر التشريع الأصلية التي يجب الالتزام بها والرجوع إليها، كما بيّن المصادر الفرعية والتبعية التي كانت المجال الرحب لاتساع الشريعة، وتلبية حاجات المجتمع والأمة فيما يعتريها من وقائع وأحداث، وكان علم الأصول العقبة الكأداء في وجه المنحرفين والمضللين والمشعوذين الذين حاولوا الدسّ في الأحكام، وتشويه مقاصد التشريع والمراوغة في التضليل والدعوة (١)، كمن ينفي حجية خبر الآحاد، أو ينكر السنة، أو ينفي حجية الإجماع والقياس، ومن يدعي أنه لا دلالة في ألفاظ القرآن على شيء، ومن يدعي أن في القرآن ألفاظًا مبهمة، ومن يتلاعب بالأحكام، وأن الخمر مثلًا ليست محرمة لعدم النص على التحريم بلفظ يحرم.

وقد بيّن علماء الأصول مصادر التشريع وبينوا دلالات الألفاظ وتفسير النصوص، ونصوا على قوة الأدلة القطعية والظنية، والعلاقة بين النص السابق واللاحق في التخصيص والنسخ، كما بينوا لنا طرق الاجتهاد وشروط المجتهد، فكان علم الأصول سلاحًا ذا حدين يعين المخلصين على معرفة أحكام الله، ويرد كيد الكائدين في نحورهم (٢).


(١) أصول الفقه لغير الحنفية: ص ٢٨، الوصول إلى علم الأصول: ١/ ٥٣، التمهيد للإسنوي، مقدمته في فوائد علم أصول الفقه.
(٢) إن علم أصول الفقه الذي وضع القواعد والأسس للاجتهاد والاستنباط، وحدد الطريق للباحثين، علم فريد في تاريخ الأمم والشرائع القديمة والحديثة، ويحاول الآن بعض علماء القانون مجاراة هذا العلم، وإيجاد مثيل له، تحت عنوان أصول القانون أو طرق التفسير، مع الفارق الكبير بينها وبين أصول الفقه الإسلامي، يقول الدكتور عبد الرزاق السنهوري والدكتور حشمت أَبو ستيت عن الفقهاء المسلمين: قد امتازوا على الرومان وعلى غير الرومان من الأمم التي تفوقت في القانون بوضع علم أقرب ما يكون لعلم أصول القانون، وهو علم أصول الفقه، بحثوا فيه مصادر الشريعة الإسلامية، وكيفية استنباط الأحكام التفصيلية من هذه المصادر، وهذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>