للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفوته، ولذا فلا يكون أمره نهيًا عن الضد بأي نوع من أنواع الدلالة.

ويعترض على الدليل بأن الآمر هنا هو اللَّه تعالى، واللَّه عالم بكل شيء ولا تخفى عليه خافية، ولا يغفل عن الضد، فبطل الدليل، وأن اتفاق العلماء على أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولو كان الآمر غافلًا عنه، وكذا هنا فإن الوجوب لا يتم إلا بترك ضده، فكان الضد واجبًا (١).

والخلاصة الهامة في هذا الموضوع أن ترك الفعل يتحقق بالاشتغال بأي ضد من الأضداد، مثل السرقة والخمر والربا تتحقق بأي ضد كالأكل والشرب والصلاة وقيام الليل والوضوء، أما حصول الفعل المطلوب حتمًا، وهو الواجب، فإنه يتوقف على ترك جميع الأضداد المنافية له، مثال ذلك أن ترك الصلاة يتحقق عند الاشتغال بالأكل أو بالشرب أو بالنوم، ولكن أداء الصلاة يتوقف على ترك جميع الأمور التي تتنافى مع الصلاة، ولذا قال العلماء: إن إيجاب الشيء يقتضي حرمة جميع الأضداد المنافية له، وإن النهي عن الشيء يقتضي وجوب الاشتغال بأي ضد من الأضداد، ولا يقتضي وجوب جميع الأضداد (٢).

ويضع صدر الشريعة ضابطًا ومعيارًا لذلك فيقول: والصحيح أن ضد الأمر إن فوَّت المقصود بالأمر، يحرم، وإن فوَّت ضد النهي المقصود بالنهي يجب (٣).


(١) المستصفى: ١ ص ٨٢، أصول الفقه، أبو النور: ١ ص ١٤٣، نهاية السول: ١ ص ١٣٥.
(٢) أصول الفقه، أبو النور: ١ ص ١٣٤، المسودة في أصول الفقه: ص ٨١، أصول السرخسي: ١ ص ٩٦، التبصرة: ص ٨٩، الفوائد، ابن القيم: ص ٢٢٦، ط دار البيان.
(٣) التنقيح، له ٢ ص ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>