للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوجوب والحرمة في أمر واحد]

ونختم الكلام عن الحرام بمسألة أخرى يشترك فيها الحرام مع الواجب، وهي هل يجتمع الإيجاب والتحريم في أمر واحد؟ وبتعبير آخر هل يكون الفعل واجبًا وحرامًا معًا؟

إن الواجب والحرام ضدان، والضدان لا يجتمعان في الأمر الواحد باتفاق العقلاء، ولكن اختلفوا في المقصود من الواحد الذي يعتبر محلًا للواجب والحرام، ويتعلق به الإيجاب والتحريم (١)، ويتفرع الكلام حسب الحالات الأربع التالية:

[الحالة الأولى]

إذا كان الفعل واحدًا بالجنس فيجوز أن يتعلق به الواجب والحرام، أو ينقسم إلى واجب وحرام، وتكون القسمة بحسب الأوصاف والإضافات، كالسجود للَّه تعالى، والسجود للصنم، فالسجود الأول واجب والسجود الثاني حرام، ولا تناقض بينهما في تعلق الإيجاب والتحريم في السجود، بقوله تعالى {لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} [فصلت: ٣٧]، فلا يلزم من تحريم أحد السجودين تحريم الآخر، ولا من وجوب الثاني وجوب الأول، للتغاير بالشخصية بين السجود للَّه والسجود للصنم (٢).


(١) مختصر ابن الحاجب: ص ٣٩، المستصفى: ١ ص ٧٦، الإحكام، الآمدي: ١ ص ١٠٧.
(٢) خالف المعتزلة في هذه الحالة وقالوا: إن السجود نوع واحد مأمور به، والساجد للصنم عاص لأنه يقصد تعظيم الصنم وليس بنفس السجود: (انظر المستصفى: ١ ص ٧٦، فواتح الرحموت: ١ ص ١٠٤، البرهان، للجويني: ص ٣٠٤، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ٦٣، الإحكام، الآمدي: ١ ص ١٠٧، المسودة: ص ٨٤، أصول الفقه، الخضري: ص ٥٤). =

<<  <  ج: ص:  >  >>