للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعارض وعدم إمكان الجمع، وما سكت الشارع عنه (١).

ويمكن أن تدخل هذه الأمور تحت حكم المباح الذي لا يؤاخذ اللَّه سبحانه وتعالى فاعله، ويعفو عنه، لما ورد فيها من العفو وعدم المؤاخذة، وأن الفاعل لا يثاب ولا يعاقب على الفعل، وإن كان ضرره أكثر من نفعه، ولكن قد تحيط به ظروف وقرائن وحالات تجعل الضرر متساويًا مع النفع، أو تجعل النفع أكثر من الضرر كأكل لحم الميتة في المَخْمَصَة وشرب الخمر عند خوف الهلاك.

[المباح من حيث الجزء والكل]

ونختم الكلام عن المباح بمسألة لطيفة ذكرها الشاطبي في المباح، وسبق له مثلها في المندوب، وأن المندوب خادم للواجب، وأن المندوب واجب بالكل، وقد قسم الشاطبي المباح بحسب الكلية والجزئية إلى أربعة أقسام (٢)، وهي:

أولًا: المباح بالجزء المطلوب بالكل من جهة الوجوب، كالتمتع بالطيبات من المأكل والمشرب والمركب والملبس، فإن هذه الأمور مباحة بالجزء، ويكون المكلف بالخيار في فعلها أو تركها في بعض الأوقات أو الأحوال، أو إذا قام بها غيره من الناس، أما من حيث الجملة فإن الأكل والشرب يجب فعلهما، وإن ترك المكلف الأكل والشرب بشكل كلي حتى أصابه الهلاك والموت أو المرض فهو آثم، ويكون تركه حرامًا، فيجب عليه الأكل والشرب، ومثله البيع والشراء ووطء الزوجات وممارسة وسائل الاكتساب.


(١) انظر بحثًا مستفيضًا وطريفًا مع الأدلة والبراهين والأمثلة في الموافقات، للشاطبي: ١ ص ١٠٠ وما بعدها.
(٢) الموافقات، له: ١ ص ٧٨، ٨٦، وانظر: مباحث الحكم: ص ١١٣، أصول الفقه، أبو زهرة: ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>