للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعرِّج الشاطبي رحمه اللَّه تعالى في حكم السبب لبيان صلته بالعقيدة وسلوك المسلم في الحياة، ويعرض بحثًا جميلًا وطويلًا نقتبس منه ما يلي:

إن الفاعل للسبب عالمًا بأن السبب ليس إليه إذا وكله إلى فاعله وصرف نظره عنه كان أقرب إلى الإخلاص والتفويض والتوكل على اللَّه تعالى والصبر على الدخول في الأسباب المأمور بها، والخروج عن الأسباب المحظورة، والشكر، وغير ذلك .. (١). ثم يقول: إن تارك النظر في المسبب أعلى مرتبة، وأزكى عملًا، إذا كان عاملًا في العبادات، وأوفر أجرًا في العادات، لأنه عامل على إسقاط حظه، بخلاف من كان ملتفتًا إلى المسببات؛ فإنه عامل على الالتفات إلى الحظوظ، لأن نتائج الأعمال راجعة إلى العباد مع أنها خلق للَّه ... (٢).

وينتقل الإمام الشاطبي ليبين النتائج المترتبة على السبب في المعاملات والعقوبات مع بيان العدالة الإلهية فيها، فيقول: إن اللَّه عز وجل جعل المسببات في العادة تجري على وِزان الأسباب في الاستقامة والاعوجاج، فإذا كان السبب تامًّا، والتسبب على ما ينبغي، كان المسبب كذلك، وبالضد، ومن هنا إذا وقع الخلل في المسبب نظر الفقهاء إلى التسبب، هل كان على تمامه أم لا؟ (٣).

والمثال على ذلك الضرب المفضي إلى الموت أو القطع، فإنه سبب للقصاص، فإن كان كاملًا كان الجزاء قصاصًا بالنفس، وإن كان ناقصًا كان الجزاء قصاصًا فيما دون النفس، أو دية أو حكومة عدل أو أرش.


= ١ ص ١٢٦، ١٤٣.
(١) الموافقات، له: ١ ص ١٤٧.
(٢) الموافقات: ١ ص ١٥٣.
(٣) الموافقات: ١ ص ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>