للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ما شرعه اللَّه": أي الأحكام التي شرعها اللَّه تعالى، ولفظ "عامة عباده" قيد يخرج الأحكام الخاصة ببعض المكلفين، وأن العزيمة عامة لجميع العباد ولجميع الأحوال، وتخرج الخصوصية، ولفظ "ابتداء" أي لم تسبق في شريعتنا بأحكام أخرى، وأن العباد مكلفون بها من أول الأمر.

وعرف البيضاوي العزيمة بأنها "الحكم الثابت لا على خلاف الدليل القائم لعذر"، وهذا التعريف للمقابلة مع تعريف الرخصة الآتي بعد قليل، فكل حكم لم يخالف الدليل أصلًا كالأكل والشرب، أو خالف الدليل ولكن ليس بسبب العذر بل بسبب الاختبار مثلًا كالتكاليف، أو خالف الدليل لمانع كإفطار الحائض وترك الصلاة، فهذه كلها عزائم.

ومن التعريفين السابقين نجد أنه لا واسطة بين العزيمة والرخصة، فكل حكم ثبت بالشرع فهو عزيمة، إلا إذا ورد ما يخالفه لعذر فهو رخصة، وسميت الأحكام الأصلية عزيمة لأنها مشروعة ابتداء حقًّا لصاحب الشرع الذي يستحق الطاعة وتنفيذ الأوامر (١).

وذهب بعض الأصوليين في تعريف العزيمة إلى أنها "الحكم الثابت الذي خولف لعذر"، فالعزيمة تقابل الرخصة، وأن الحكم لا يسمى عزيمة إلا إذا ثبت الترخيص فيه لعذر، وتكون الأحكام ثلاثة أقسام: الرخصة والعزيمة عند وجود العذر، والحكم الأصلي الذي لم يتطرأ


= الأسرار: ٢ ص ٦١٨، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ٧١، تيسير التحرير: ٢ ص ٢٢٨، أصول الفقه، خلاف: ص ١٣٨، أصول الفقه لغير الحنفية: ص ٩١، أصول السرخسي: ١ ص ١١٧، مباحث الحكم: ص ١١٥، أصول الفقه، الخضري: ص ٧١، تسهيل الوصول: ص ٢٥٠، شرح الكوكب المنير: ١ ص ٤٧٦.
(١) كشف الأسرار: ٢ ص ٦١٨، فواتح الرحموت: ١ ص ١١٦، تيسير التحرير: ٢ ص ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>