للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم بالنص الذي أوحى به إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، أم فيما يتوصل إليه المجتهد بالقياس والدلائل والأمارات التي شرعها اللَّه لاستنباط أحكامه، وليست السنة والإجماع والقياس وبقية المصادر إلا مبيِّنة وكاشفة عن حكم اللَّه تعالى، ولا تعتبر حجة ولا دليلًا إلا لثبوت حجيتها من قبل اللَّه تعالى، فهي سبل ومناهج لمعرفة حكم اللَّه الواحد الأحد (١).

فاللَّه هو المشرع للأحكام، وهو الموجب لها باتفاق، ولذا وضع علماء الأصول القاعدة المشهورة "لا حكم إلا للَّه" (٢)، واتفقوا على تعريف الحكم -كما سبق- بأنه خطاب اللَّه تعالى المتعلق بأفعال المكلفين، فالحاكم هو اللَّه تعالى الذي يصدر عنه الخطاب، وترجع إليه الأحكام.

واستدل العلماء على ذلك بأدلة كثيرة أهمها:

قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إلا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (٥٧)} [الأنعام: ٥٧]، فالآية الكريمة حصرت الحاكمية باللَّه تعالى، واستعمل القرآن الكريم أداة الحصر لتأكيد هذا المعنى.

قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: ٤٩]، فالآية الكريمة بيَّنت أن الحكم الواجب على المؤمنين هو ما أنزله اللَّه تعالى، وليس ما تميل إليه الأهواء والنفوس والعقول البشرية.

٣ - قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (٤٤)} [المائدة: ٤٤]، وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥)} [المائدة: ٤٥]، وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ


(١) أصول الفقه، خلاف: ص ١٠٨.
(٢) الإحكام، الآمدي: ١ ص ٧٦، فواتح الرحموت: ١ ص ٢٥، تيسير التحرير: ٢ ص ١٥٠، إرشاد الفحول: ص ٧، نهاية السول: ١ ص ١٤٥، حاشية العطار على جمع الجوامع: ١ ص ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>