للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو أن العقل لا يعرف حكم اللَّه تعالى في أفعال المكلفين إلا بواسطة رسله وكتبه، لأن العقول تختلف اختلافًا ظاهرًا في الحكم على الأفعال، فبعض العقول تستحسن فعلًا معينًا، بينما تستقبحه بعض العقول، وأن عقل الشخص الواحد يختلف في الفعل الواحد، فيراه حسنًا في وقت، ويراه قبيحًا في وقت آخر، ولأنه قد يغلب الهوى والتشهي على العقل، فيكون التحسين والتقبيح واهيًا وضعيفًا وقائمًا على الهوى.

وأساس هذا المذهب أن الحسن والقبح للأفعال شرعيان، وأن الحسن من أفعال العباد هو ما رآه الشارع حسنًا فأباحه وطلب فعله كالإيمان والصوم والصلاة وغيرها، وأن القبيح من أفعال الناس هو ما رآه الشارع قبيحًا وطلب تركه، مثل الكفر والزنا وشرب الخمر وغيرها، وليس الحسن ما رآه العقل حسنًا، ولا القبيح ما رآه العقل قبيحًا، أي: إن مقياس الحسن والقبح هو الشرع لا العقل.

واستدلوا على ذلك بأن الحسن والقبح ليسا ذاتيين في الفعل، لأنهما غير مطردين، فكل فعل اتفق الناس على حسنه كالصدق، نجد له جزئيات يقبح فيها إذا ترتب على الصدق مثلًا هلاك جزء عظيم من الأمة، أو قتل بريء على يد جبار ظالم، وكل فعل اتفق الناس على قبحه نجد له جزئيات يحسن فيها، فالوصف غير ذاتي، لأن ما بالذات لا يتخلف (١).

وينتج عن مذهب الأشاعرة ما يلي:


(١) مختصر ابن الحاجب: ص ٢٩، الإحكام، الآمدي: ١ ص ٧٨، أصول الفقه، خلاف: ص ١٠٩، أصول الفقه، أبو النور: ١ ص ١٥٠، تيسير التحرير: ٢ ص ١٥٠، الوسيط في أصول الفقه: ص ١٢١، الإحكام، لابن حزم: ١ ص ٤٧، شرح الكوكب المنير: ١ ص ٣٠٤، الإرشاد، الجويني: ص ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>