للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - يظهر أثر الاختلاف وثمرته بالنسبة لمن لم تبلغهم شرائع الرسل في زماننا مثلًا، أو قبل البعثة الذين يطلق عليهم اسم أهل الفترة، فقال الأشاعرة: إنهم ناجون، ولا يثابون على فعل ولا يعاقبون على غيره، وأن أمرهم راجع إلى اللَّه تعالى، وقال المعتزلة: إنهم مكلفون ومحاسبون إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر، وقال الماتريدية: إنهم مكلفون بالإيمان باللَّه تعالى فقط، ولا يحاسبون ولا يعاقبون على غيره.

٣ - تظهر ثمرة الاختلاف أيضًا في مكانة العقل بين مصادر التشريع، وهل يعتبر العقل مصدرًا من المصادر التشريعية التي يرجع إليها المجتهد إذا لم يجد نصًّا في كتاب أو سنة؟

قال أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية: إن العقل ليس مصدرًا ولا دليلًا ولا حجة، وإنما تنحصر المصادر في الأمور التي سبق ذكرها وهي القرآن والسنة ثم الاجتهاد والاستدلال والاستنباط بالقياس والاستحسان والاستصلاح والاستصحاب وغير ذلك، وإن العقل يعمل فيها حيث أباح الشارع له العمل بناء على هذه المصادر.

وقال الشيعة الإمامية الجعفرية، الذين يلتزمون بمذهب المعتزلة في العقائد: إن العقل دليل ثالث بعد القرآن والسنة، ولكن بإذن من الشارع جعل له الحق بالأخذ بما يشير إليه، فإن لم يجد المجتهد نصًّا رجع إلى العقل، فما رآه العقل حسنًا فهو عند اللَّه حسن، وهو حكم اللَّه تعالى، ويجب على المكلف فعله، وما رآه العقل قبيحًا فهو عند اللَّه قبيح ويجب على المكلف تركه (١).


(١) أصول الفقه: ص ٦٦، ٧٠، وقد كتب الزميل الدكتور رشدي عرسان المدرس في جامعة بغداد رسالة دكتوراة في كلية الشريعة بالأزهر عن "العقل كمصدر تشريعي عند الشيعة الجعفرية" وناقشها فيآب ١٩٧١ م، وساعدت جامعة بغداد على طبعها، وجاءت في ٤٩٠ صفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>