للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند الفتاة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقبل اللَّه صلاة حائض إلا بخمار" (١)، أي لا تقبل صلاة المرأة البالغة التي وصلت إلى سن الحيض إلا بستر الشعر، فعلق الحكم على بلوغها سن المحيض.

فإن لم تظهر علامات البلوغ الطبيعية بالاحتلام أو الحيض فيقدر البلوغ بالسن، والتقدير بالسن مختلف فيه، فذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، والصاحبان من الحنفية، والمتأخرون في المذهب، إلى أن سن البلوغ خمس عشرة سنة للصبي والفتاة، بينما قدره الإمام أبو حنيفة بسبع عشرة سنة للأنثى وثماني عشرة سنة للصبي (٢).

فمتى بلغ الإنسان الحلم فقد تحقق شرط التكليف، وتمكن العبد من معرفة خطاب الشارع، وإدراك معناه، وتوجيه القدرة والإرادة إلى تنفيذه والالتزام به.

أما إذا بلغ الإنسان الحلم مجنونًا، فيكون الجنون مؤشرًا حقيقيًّا لفقدان العقل الذي يتعلق به التكليف، وبالتالي فلا يكلف المجنون.

وكذلك الصبي قبل البلوغ لا يكلف بالخطاب، وإن توفر فيه العقل بعد التمييز، ولكنه دون المستوى المطلوب لإدراك الخطاب (٣).

وكذا الغافل والنائم والسكران لا يكلفون في حالة الغفلة والنوم والسكر، لأنه ليس في استطاعتهم الفهم والإدراك (٤)، والدليل على


(١) رواه أبو داود والحاكم عن عائشة.
(٢) انظر مباحث الحكم: ص ٢٦٢ والمراجع التي أشار إليها في الهامش.
(٣) وروي عن الإمام أحمد روايات أخرى، منها أن المراهق مكلف بالصلاة، ومنها أن ابن عشر مكلف بها، ومنها أن المميز مكلف بالصوم. (انظر: شرح الكوكب المنير: ١ ص ٥٠٠، القواعد والفوائد الأصولية: ص ١٦، ١٧).
(٤) يبحث علماء الأصول هنا في مسألة كلامية هي تكليف المعدوم، ثم يفرعون عليها =

<<  <  ج: ص:  >  >>