للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن يستند التأويل إلى دليل صحيح يدل على صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى غيره، وأن يكون هذا الدليل راجحًا على ظهور اللفظ في مدلوله؛ لأنه سبق أن الأصل في نصوص الشرع أن نعمل فيها بالظاهر إلا إذا قام دليل العدول عنه إلى غيره، فالأصل أن يبقى العام على عموهه، ولا يُقتصر فيه على بعض أفراده إلا بدليل، والأصل أن يبقى المطلق على إطلاقه ولا يُعْدل عنه إلى التقييد إلا بدليل، والأصل أن الأمر للوجوب ولا يُصرف إلى الندب أو الإرشاد أو الإباحة إلا بدليل، والأصل أن النهي للتحريم ولا يُعدل عنه إلى الكراهة مثلًا إلا بدليل، فلا بدَّ في التأويل من دليل صحيح.

والدليل للتأويل تتفاوت درجاته حسب درجة إمكانية التأويل، فإن قرب التأويل كفى أدنى مرجح، نحو قوله سبحانه: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: ٦]، أي: إذا عزمتم على القيام لأداء الصلاة؛ لأن الشارع لا يطلب الوضوء من المكلف بعد الشروع في الصلاة، لأن الوضوء شرط لصحة الصلاة، والشرط يوجد قبل المشروط، وإن كان التأويل بعيدًا افتقر إلى دليل أقوى ليرجَّح على الظاهر والنص، وستأتي أمثلة التأويل البعيد، وإن تعذر الحمل لعدم الدليل رُدَّ التأويل وجوبًا، وكان مردودًا وباطلًا أو فاسدًا، كما سبق.

٣ - أن يكون اللفظ الذي يُراد تأويلُهُ يحتمل المعنى الذي يؤوّل إليه، ولو احتمالًا مرجوحًا، وهذا يختلف باختلاف وجهات النظر، كما سيأتي في التأويل البعيد والاختلاف فيه.

٤ - أن تتوفر في الناظر في التأويل الأهلية الكافية في الاجتهاد، ليوافق تأويلُه وضع اللغة، أو عرف الاستعمال، أو العرف الشرعي (١).


= ص ٢٤٥.
وقارن ما قاله ابن النجار رحمه اللَّه تعالى في مناقشة الحنفية في تأويل الشاة في: شرح الكوكب المنير (٣/ ٤٦٥).
(١) شرح الكوكب المنير (٣/ ٤٦١)، إرشاد الفحول ص ١٧٧، تفسير النصوص (١/ ٣٨٠) وما بعدها، (٣٨٩) أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>