للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يكون الاشتراك إما بين لفظين مختلفين كالعين: للباصرة والذهب والشمس، ولفظ المختار، للدلالة على الفاعل أي: من يختار، وعلى المفعول، أي: لمن يقع عليه الاختيار، وإما بين لفظين ضدين كالقرء للطهر والحيض، وإما أن يقع الاشتراك في اللفظ المركب، كقوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧]، فالذي بيده عقدة النكاح متردِّد بين الزوج والولي.

ب- الألفاظ الشرعية: وهي الكلمات العربية ذات المعنى الظاهر، ثم خرجت في عرف الشرع إلى معان جديدة، كالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وغيرها.

جـ- الأفعال: قد يكون الإجمال في الأفعال التي صدرت عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وتحتمل أمرين، فتكون مجملة حتى يرد دليل على حملها على أحد المعنيين، فقد ثبت أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - جمع في السفر، فهذا مجمل؛ لأنه يحتمل السفر الطويل، والسفر القصير، ومن ذلك أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أمر مَنْ أفْطر في رمضان بالكفارة، فهذا مجمل؛ لأنه يحتمل أنه أفطر بجماع، أو أفطر بأكل، فلا يحمل على أحد الأمرين إلا بدليل.

د- المجاز: إذا كان اللفظ تنتفي حقيقته، ويحتمل مجازات متكافئة، فلا يرجح مجاز على غيره إلا بدليل، كأن يكون أحد المجازات أقرب إلى الحقيقة، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاةَ إلا بفاتحةِ الكتاب" (١)، وقوله: "لا صيامَ لمن لم يُبَيِّت الصيامَ من الليل" (٢)، فالحديث الأول يخبر عن نفي الصلاة عند انتفاء الفاتحة، والثاني يخبر عن نفي ذات الصوم عند عدم تبييت النية، وهذه الحقيقة غير مرادة للشارع، فتعين الحمل على المجاز، وهو نفي الصحة أو نفي الكمال، ونفي الصحة أرجح؛ لكونه أقرب للحقيقة، فلا تصح الصلاة بدون الفاتحة، ولا يصح الصوم بدون تبييت النية. وقد يكون أحد المجازات أظهر في العرف، كحديث "رُفِعَ


(١) هذا الحديث رواه البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت رضي اللَّه عنه.
(٢) هذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والبيهقي بأسانيد مختلفة عن عائشة وحفصة رضي اللَّه عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>