للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: النسخ: هو النقل والتحويل، كقوله: نسخت الكتاب، أي: نقلته، ومنه قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، [الجاثية: ٢٩]، ومنه التناسخ في المواريث، فإنه نقل الميراث من وارث إلى آخر.

والثاني: النسخ: هو الإبطال والإزالة، ومنه: نَسخَتِ الشمس الظل، ونسخت الريح آثار القدم، أي: أزالته ورفعته، ومنه تناسخ القرون والأزمنة، أي: إزالتها ورفعها، وأكثر العلماء على أن النسخ حقيقة في الإزالة والإبطال، مجاز في النقل والتحويل، وقيل غير ذلك (١).

والنسخ في الاصطلاح له تعريفات كثيرة، أشهرها: هو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر (٢).

والمراد ارتفاع دوام الحكم، أي: ارتفاع تعلق الحكم بفعل المكلف، بأن يرتفع أمده المحدد له، لا رفعه حقيقة، لأنه أمر واقع، وتقييده بالشرعي ليخرج الحكم العقلي كالمباح الثابت بالبراءة الأصلية عند من يقول به، فإنَّ رفع الحكم العقلي وما ثبت بالبراءة الأصلية لا يسمى نسخًا، بل هو ابتداء حكم شرعي، ولا يكون النسخ إلا بدليل شرعي، وهو خطاب الشارع، فلا يحصل النسخ بالعقل وكلام البشر، وإذا انتهى الحكم الشرعي بطريق عقلي كالموت، والغفلة، والعجز، فلا يكون نسخًا، وتقييده بالمتأخر؛ ليخرج المقترن بالحكم كالاستثناء، والتقييد بالشرط والغاية، فلا يسمى نسخًا، بل هو بيان لإتمام


(١) المعجم الوسيط (٢/ ٩١٧) مادة: نسخ، القاموس المحيط، مادة: نسخ، المصباح المنير (٢/ ٨٢٧) مادة: نسخ.
(٢) هذا تعريف ابن الحاجب وابن النجار (العضد على ابن الحاجب ٢/ ١٨٥، شرح الكوكب المنير ٣/ ٥٢٦) وانظر: المستصفى (١/ ١٠٧)، المعتمد (١/ ٣٩٦)، الإحكام للآمدي (٣/ ١٠٤)، المحصول (٣/ ٤٢٣)، فواتح الرحموت (٢/ ٥٣)، أصول السرخسي (٢/ ٥٤)، الفصول (٢/ ١٩٧)، كشف الأسرار (٣/ ١٥٥)، شرح تنقيح الفصول ص ٣٠١، العدة (٣/ ٧٧٨)، المسودة ص ١٩٥، روضة الناظر ص ٦٩، نهاية السول (٢/ ١٦٢)، البحر المحيط (٤/ ٦٣)، إرشاد الفحول (٢/ ٥٣٣) ط دار السلام، محققة، الحاوي للمادوردي (٢٠/ ١٣٠)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ٩٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>