للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في معنى الأمر، أو النهي، كما لو قال أمرتكم، أو نهيتكم.

أما إذا كان الخبر حقيقيًّا لبيان المخبر عنه، فقال الجمهور: لا يصح نسخه بتكليف المكلف بما ينافي الخبر، واعتقاد عكس المخبر به، فكأنه تجويز للكذب والغلط، ويؤدي إلى البَداء والجهل، وفصل آخرون في نوع الأخبار، فأجازوا نسخ بعضها دون الآخر، ولكل دليله ومناقشته، ولا فائدة عملية من ذلك (١).

[٤ - نسخ المنطوق والمفهوم]

ذكرنا سابقًا أن دلالة اللفظ على الحكم إما أن تكون بمنطوقه، وتسمى دلالة المنطوق، وإما أن تكون بمفهومه، وتسمى دلالة المفهوم، والمفهوم إما أن يكون حكمه موافقًا لحكم المنطوق، ويسمى -عند المتكلمين- مفهوم الموافقة، أو فحوى الخطاب، أو تنبيه الخطاب، ويسمى عند الحنفية دلالة النص، كقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣]، فيدل بمنطوقه على تحريم التأفف، وبمفهومه على تحريم الضرب، وإما أن يكون المفهوم مخالفًا لحكم المنطوق، ويسمى مفهوم المخالفة، أو دليل الخطاب، أو لحن الخطاب.

ودلالة المنطوق تغاير دلالة المفهوم، لكن بينهما تلازم، فهل يمكن نسخ أحدهما دون الآخر؟

اتفق الأصوليون على جواز نسخ حكم المنطوق والمفهوم الموافق معًا، ثم اختلفوا في جواز نسخ أحدهما دون الآخر، فقال بعضهم: يجوز نسخ أحدهما دون الآخر، وقال آخرون لا يجوز نسخ أحدهما دون الآخر، وقال


(١) المعتمد (١/ ٤١٩)، أصول السرخسي (٢/ ٥٩)، إرشاد الفحول ص ١٨٨، الفصول (٢/ ٢٠٥)، شرح الكوكب المنير (٣/ ٥٣٨، ٥٤١)، فواتح الرحموت (٢/ ٧٥)، الإحكام للآمدي (٣/ ١٤٤)، المعتمد (١/ ٤٢١)، العضد على ابن الحاجب (٢/ ١٩٥)، الإحكام لابن حزم (٣/ ١٤٤)، المسودة ع ١٩٦، العدة (٣/ ٨٢٥)، شرح تنقيح الفصول ص ٣٠٩، المحصول (٣/ ٤٨٦)، نهاية السول (٢/ ١٧٨)، كشف الأسرار (٣/ ١٦٣)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ٩٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>