للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والموافق له مصيب، والمخالف له مخطئ آثم، فإن كانت ثابتة قطعًا ومعلومة من الدين بالضرورة فإنكارها كفر، والمنكر كافر؛ لأن الإنكار فيهما تكذيب للشرع، وإن كانت فيما علم قطعًا بالنظر لا بالضرورة، كالأحكام المعلومة بالإجماع فمنكرها ليس بكافر، ولكنه آثم مخطئ (١).

قال ابن النجار رحمه اللَّه تعالى: "والقضية الجزئية التي فيها نص قاطع المصيب فيها واحد بالاتفاق، وإن دقَّ مسلك ذلك القاطع" (٢).

[ب- المسائل الفقهية الظنية]

وهي المسائل الفقهية التي ليس عليها دليل قاطع، وهي محل الاجتهاد، والحكم فيها أن المجتهد إن أصاب فهو مثاب وله أجران، وإن أخطأ فلا إثم عليه، وله أجر الاجتهاد، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر" (٣)، ولأن المسألة الظنية ليس فيها دليل قاطع، واختلف فيها الصحابة والتابعون والأئمة، ولم ينكر واحد منهم على الآخر، وكان كل مجتهد أو فقيه أو مفت يخبر الناس بما وصل إليه اجتهاده، وأنه حكم اللَّه تعالى، ويفتيهم به، ولا يمنع أحدهم الآخر من الإفتاء بذلك، ولا يمنع العامة من تقليده، ولا يمنع القاضي من الحكم به، بينما يتشددون في تأثيم القسم الأول، ويخطئون القائلين به، كمانعي الزكاة، والخوارج وغيرهم.

وهذا القسم يمثل معظم الفروع الفقهية في العبادات والمعاملات والمواريث وغيرها، كمقدار مسح الرأس، وخيار المجلس، وميراث الجد مع الإخوة، والزكاة في مال الصغير، ونفي وجوب الوتر، وقراءة الفاتحة خلف الإمام؛ لأن الأدلة فيها غامضة، ويرجع فيها للاجتهاد.


(١) المستصفى (٢/ ٣٥٤، ٣١٧)، جمع الجوامع والبناني (٢/ ٣٩٠)، مختصر ابن الحاجب (٢/ ٢٩٤)، الروضة ص ٣٥٩، مختصر الطوفي ص ١٧٦، ١٧٧، إرشاد الفحول ص ٢٦٠، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٨٦، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١٠٩٥).
(٢) شرح الكوكب المنير (٤/ ٤٩٠).
(٣) هذا الحديث سبق بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>