للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقع التعارض الظاهري قليلًا بين نصوص القرآن الكريم في آيتين مثلًا، ويتم الجمع حصرًا بينهما عن طريق الدلالات في العموم والخصوص، والمطلق والمقيد، والعام والخاص، والحقيقة والمجاز، والناسخ والمنسوخ، وسبق بيان ذلك تفصيلًا في باب الدلالات، أو دلالات الألفاظ، أو تفسير النصوص، وسنشير إليها فيما بعد.

وتستخدم هذه الطريقة في التعارض الظاهري بين الأحاديث، ويتم الجمع بينها بالطرق السابقة، ويضاف لها طرق الترجيح الخاص بالأخبار أو الروايات.

وطرق الترجيح بين الأخبار أو الروايات قد يكون باعتبار السند، وقد يكون باعتبار المتن، وقد يكون باعتبار مدلول اللفظ وهو الحكم، وقد يكون باعتبار أمر خارج (١)، فهذه أربعة أنواع (٢).


(١) بيَّن ابن النجار رحمه اللَّه تعالى باختصار شديد أساس الترجيح في السند، فقال: "أما وقوعه في السند فلكونه طريق ثبوته، وأما وقوعه في المتن فباعتبار مرتبة دلالته، وأما وقوعه في مدلول اللفظ وأمر خارج فلما يترتب على اللفظ، وما ينضم إليه من أمر خارج من أحد الأحكام الخمسة المدلول عليها بها شرح الكوكب المنير (٤/ ٦٢٤).
(٢) صنف الإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى كتابًا في "اختلاف الحديث" وهو أول كتاب من نوعه، وبيّن فيه عدم وجود اختلاف حقيقي بين الأحاديث، وعرض ما ظاهره الاختلاف وجمع بينها، ثم عرض في كتابه الرسالة نماذج كثيرة منها، وكشف الغطاء عن ذلك فقال: "ورسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول القول عامًّا يُريد به العام، وعامًّا يريد به الخاص، ويُسأل عن الشيء فيجيب على قدر المسألة، ويؤدي عنه المخبر الخبر مبعّضًا، والخبر مختصرًا، والخبر يأتي ببعض معناه دون بعض، ويحدّث الرجل عنه الحديث قد أدرك جوابه، ولم يدرك المسألة على حقيقة الجواب لمعرفة السبب الذي يخرج عليه الجواب، ويَسنّ في الشيء سنة وفيما يخالفه أخرى، فلا يخلص بعض السامعين من اختلاف الحالتين اللتين سنَّ فيهما، ويسن سنة في نص معناه، فيحفظهما حافظ آخر في معنى، يخالفه في معنى، ويجامعه في معنى سنه غيرها لاختلاف الحالين، فيحفظ غيره تلك السنة، فإذا أدى كل ما حفظ رآه بعض السامعين اختلافًا، وليس فيه شيء، ويسن بلفظ، مخرجه عام، جملة بتحريم شيء أو تحليله، وليس في غيره خلاف الجملة، فيستدل على أنه لم يُرد بما حرم ما أحل، ولا بما أحل ما حرّم" ثم قال: "ولم نجد عنه شيئًا مختلفًا فكشفناه إلا وجدنا له وجهًا يحتمل به ألا يكون مختلفًا، وأن يكون داخلًا في الوجوه التي وصفت" ثم قال: "ولم نجد مختلفين إلا ولهما مخرج، أو على =

<<  <  ج: ص:  >  >>