للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإبط، فذكر في الأول (الاستحداد)، وفي الثاني: (النتف) وذلك مما يدل على رعاية هاتين الهيئتين في محلهما، ولعل السبب فيه أن الشعر بحلقه يقوي أصله، ويغلظ جرمه، ولهذا يصف الأطبار تكرار حلق الشعر في المواضع التي يراد قوته فيها، والإبط إذا قوي فيه الشعر وغلظ جرمه كان أفوح للرائحة الكريهة المؤذية لمن يقاربها، فناسب أن يسن فيه النتف المضعف لأصله، المقلل للرائحة الكريهة، وأما العانة فلا يظهر فيها من الرائحة الكريهة ما يظهر في الإبط، فزال المعنى المقتضي للنتف، فُرِجع إلى الاستحداد؛ لأنه أيسر وأخف على الإنسان من غير معارض (١).

وقال ابن دقيق العيد أيضاً: " من نظر إلى اللفظ وقف مع النتف، ومن نظر إلى المعنى أجازه بكل مزيل، لكن بين أن النتف مقصود من جهة المعنى، فذكر نحو ما تقدم، ثم قال: وهو معنى ظاهر لا يهمل، فإن مورد النص إذا احتمل معنى مناسباً يحتمل أن يكون مقصوداً في الحكم لا يترك، والذي يقوم مقام النتف في ذلك التنور، لكنه يرق الجلد فقد يتأذى صاحبه به، ولا سيما إن كان جلده رقيقاً (٢).

وقد صرح الشافعي بأن السنة النتف فقط، فقد أخرج ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي، عن يونس بن عبد الأعلى، قال: دخلت على الشافعي، ورجل يحلق إبطه، فقال: إني علمت أن السنة النتف، ولكن لا أقوى على الوجع. قال الغزالي: هو في الابتداء موجع، ولكن يسهل على من اعتاده (٣).


(١) إحكام الإحكام (١/ ١٢٥).
(٢) فتح الباري (١٠/ ٣٤٤).
(٣) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>