للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وشعرها، وأنها ليست بدقيقة، ولا طويلة، ولكن فيها كثافة.

وجاء في النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، وهو من أهل اللغة والفقه، قال: كث اللحية: الكثاثة في اللحية: أن تكون غير رقيقة ولا طويلة، ولكن فيها كثافة (١).

فهذا تفسير أهل اللغة والفقه: أن لحية الرسول - صلى الله عليه وسلم - كثيرة الشعر، ليست بالطويلة، وإذا لم تكن طويلة لم يستدل على كون الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يأخذ من لحيته على تحريم الأخذ من اللحية الطويلة.

وكذلك جاء في مسلم: " كان كثير شعر اللحية " لا يلزم منه أن تكون طويلة إلى حد تتجاوز القبضة، والله أعلم.

والأخذ من اللحية ليس واجباً؛ لكون النصوص عن الصحابة مجرد فعل، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، وفي دلالته على الاستحباب نظر، فإن كان من أمور العبادات كان مستحباً، وإن كان من قبيل العادات كان مباحاً.

والقول بتحريم أخذ ما زاد على القبضة قول شاذ، لا أعلم أحداً من السلف قال به، فهؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم، يحكى عن غالبهم كما في أثر جابر وعطاء بن أبي رباح، ومن فعل ابن عمر، ولم ينقل إنكار الصحابة رضوان الله عليهم.

أيظن بالصحابة أنهم يجهلون الأمر بإعفاء اللحية الذي يعرفه عوام المسلمين في بلادنا، خاصة وفيهم ممن روى أحاديث الإعفاء.

أو يظن بهم أنهم لا يعرفون مدلول كلمة (أعفوا) وهم أهل اللسان، وبلسانهم نزل القرآن، أو يظن أننا أشد غيرة من الصحابة، حيث ننكر على


(١) النهاية في غريب الحديث (٤/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>