للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما أن متنه شاهد على أنه ليس من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالحديث يعتبر الطواف كالصلاة إلا في الكلام، وقد قال علماء الأصول: الاستثناء معيار العموم، بمعنى أنها تثبت للطواف جميع أحكام الصلاة إلا ما استثني، وعند التأمل نرى أنه يجوز بالطواف الأكل والشرب، وليس فيه تسليم، ولا دعاء استفتاح، ولا استقبال القبلة، ولا تجب له قراءة الفاتحة، وله أن يقطع طوافه لشهود صلاة الجنازة، أو لحضور الجماعة، ثم يبني على طوافه بخلاف الصلاة، ولا يحتاج فيه إلى تسوية صفوف، ولا تقديم الرجال على النساء، وله أن يطوف وهو عاري الكتفين، وبالتالي فهذه المخالفات تدل على أن الكلام ليس من


وفاتهم يجعلني أشك أنه أحدهم.
وأما رواية عطاء، عن عكرمة. فأخرجها عبد الرزاق في المصنف (٩٧٩١) من طريق جعفر بن سليمان، عن عطاء بن السائب، عن طاووس أو عكرمة، أو كلاهما أن ابن عباس، قال:
الطواف صلاة، ولكن قد أذن لكم بالكلام، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير".
وزيادة عكرمة تفرد بها جعفر بن سليمان، ولم يُذْكَر فيمن روى عنه قبل الاختلاط، فالظن أن ذكر عكرمة ليس محفوظاً، والرواية أيضاً موقوفة، وليست مرفوعة.
هذا ما يمكنني قوله في حديث ابن عباس، والراجح أنه موقوف على ابن عباس، وقد رجح كونه موقوفاً جمع من الأئمة. قال الحافظ في التلخيص (١/ ٢٢٥): "رجح الموقوف النسائي والبيهقي وابن الصلاح والمنذري والنووي" اهـ.
وقال الترمذي رحمه الله (٣/ ٩٣): "روي هذا الحديث عن ابن طاووس وغيره، عن طاووس، عن ابن عباس موقوفاً، ولا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث عطاء بن السائب" اهـ.
ورجح وقفه أيضاً ابن تيمية رحمه الله تعالى. مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٧٤) (٢٦/ ١٢٦). وصحح وقفه ابن عبد الهادي كما في فيض القدير (٤/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>