للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


فإن قلت: فكيف بما ذكر ابن السكن، قال: حدثنا يحيى وعبد الله بن سليمان وإبراهيم، قالوا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا شعبة بالإسناد المتقدم مثله موقوفاً، فقال له رجل: إنك ترفعه، فقال: إني كنت مجنوناً فصححت.
قلنا - القائل ابن القطان - نظن أنه - رضي الله عنه -، لما أكثر عليه في رفعه إياه توقى رفعه لا لأنه موقوف، لكن إبعاداً للظنة عن نفسه.
وأبعد من هذا الاحتمال أن يكون شك في رفعه في ثاني حال فوقفه، فكان ماذا فلا نبالي ذلك أيضاً، بل لو نسى الحديث بعد أن حدث به لم يضره، فإن أبيت إلا أن يكون شعبة رجع عن رفعه، فاعلم أن غيره من أهل الثقة والأمانة أيضاً قد رواه عن الحكم مرفوعاً، كما رواه شعبة فيما تقدم - وهو عمرو بن قيس الملائي، وهو ثقة، فال فيه عن الحكم ما قاله شعبة من رفعه إياه، إلا أن لفظه: "فأمره أن يتصدق بنصف دينار"، وذلك لا يضره، فإنه إنما حكى قضية معينة، وهو مؤكد لما قلناه: من أن ديناراً أو نصف دينار، إنما هو باعتبار حالين، لا تخيير ولا شك.
ورواه أيضاً مرفوعاً هكذا عن عبد الحميد بن عبد الرحمن المذكور قتادة، وهو من هو، ثم ساق إسناد النسائي للحديث من طريق روح بن عبادة، وعبد الله بن بكر، قالا: حدثنا ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن عبد الحميد، عن مقسم، عن ابن عباس أن رجلاً غشى امرأته وهي حائض، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتصدق بدينار أو نصف دينار.
ثم قال القطان: فهذا شأن حديث مقسم، ولن نعدم فيه وقفاً وإرسالاً، والفاظاً أخر لا يصح منها شيء غير ما ذكرناه.
قلت: هذا الكلام مدخول من وجوه:
أولاً: أن العلة ليست شك شعبة الطاريء، بل شك شيخه الحكم بن عتيبة، وقد سمعه شعبة من الحكم تارة مرفوعاً وتارة موقوفاً فترك رفعه، وقد نقلنا صريح عبارة شعبة قال: أسنده لى الحكم مرة، وأوقفه أخرى، وكون الحكم يشك في رفعه تارة يرويه مرفوعاً وتارة موقوفاً هذا دليل على عدم ضبطه ... وقد أشبعنا بحثاً في أول البحث فلا نرجع إليه.
ثانياً: قوله: إن عمرو بن قيس الملائي قد رواه عن الحكم مرفوعاً، فالذي وقفنا عليه من رواية عمرو بن قيس أنه رواه موقوفاً ولم أقف عليه مرفوعاً من طريقه، ولم يذكر لنا ابن القطان من الذي رواها. انظر رواية عمرو بن قيس الملائي الموقوفة في سنن النسائي الكبير

<<  <  ج: ص:  >  >>