للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وما اشتملت عليه من مصالح العباد ونصائحهم، والظاهرية البحتة تقسي القلوب، وتحجبها عن رؤية محاسن الشريعة وبهجتها، وما أودعته من الحكم والنصائح والعدل والرحمة (١).

وعلق النووي على هذا المذهب، فقال: "وهذا مذهب عجيب وفي غاية الفساد، فهو أشنع ما نقل عنه إن صح عنه رحمه الله، وفساده مغن عن الاحتجاج عليه، ولهذا أعرض جماعة من أصحابنا المعتنين بذكر الخلاف عن الرد عليه بعد حكايتهم مذهبه، وقالوا: فساده مغن عن إفساده، وقد خرق الإجماع في قوله "في الغائط" إذ لم يفرق أحد بينه وبين البول، ثم تفريقه بين البول في نفس الماء، والبول في إناء ثم يصب في الماء من أعجب الأشياء".

حتى قال رحمه الله: وفي الصحيح: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله " فلو أمر غيره فغسله، إن قال داود: لا يطهر لكونه ما غسله هو: خرق الاجماع، وإن قال: يطهر فقد نظر إلى المعنى وناقض، والله أعلم (٢).

فإن قيل ما الحكمة إذاً من النهي عن البول في الماء الدائم؟

فالجواب:

أولاً: سداً للذريعة، لأنه قد يفضي الأذن بالبول فيه إلى تنجسه، وليس مجرد البول فيه ينجسه، ولكن إذا تكاثر البول في الماء الدائم قد يتنجس، فمنع سداً للذريعة.

ثانياً: لأن الطباع مجبولة على كراهية استعمال الماء الدائم الذي يبال فيه، ولذلك نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجنب عن الاغتسال فيه، وإن كان بدن


(١) تهذيب السنن (١/ ٦٦)، ومجموع الفتاوى (٢١/ ٣٤).
(٢) المجموع (١/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>