للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الثاني: أن فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا ينسخ قوله، فالأمر بالوضوء مما مست النار ثبت في أحاديث قولية في الصحيحين وفي غيرهما، وكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - أكل لحماً ثم صلى، ولم يتوضأ يجعل الأمر بالوضوء للاستحباب، وليس للوجوب، ولا يصح أن نقول: إن فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - دليل على النسخ، كما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا نهى عن شيء كان نهيه دليلاً على التحريم، فإذا ارتكب هذا النهي حملنا النهي على الكراهة ولا نقول: إن ارتكابه لهذا النهي دليل على نسخ النهي، إلا أن يقوم دليل على أن فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - خاص به فنبقي الأمر والنهي على ظاهرهما.
وقد ذهب ابن تيمية رحمه الله إلى أن الوضوء مما مست النار ليس منسوخاً، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٦٣): لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث عام ينسخ الوضوء من كل ما مسته النار، وإنما ثبت في الصحيح أنه أكل كتف شاة، ثم صلى، ولم يتوضأ، وكذلك أتي بالسويق فأكل منه، ثم لم يتوضأ. وهذا فعل لا عموم له، فإن التوضؤ من لحوم الغنم لا يجب باتفاق الأئمة المتبوعين.
[تخريج الحديث].
الحديث كما سبق مداره على محمد بن المنكدر، عن جابر، ويرويه جماعة عن محمد بن المنكدر،
الأول: شعيب بن أبي حمزة، عنه.
أخرجه أبو داود كما في إسناد الباب، والنسائي (١٨٥)، وفي الكبرى (١٨٨)، وابن الجارود في المنتقى (٢٤)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٦٧) وابن خزيمة (١/ ٢٨)، والطبراني في المعجم الصغير (٢/ ٣)، وابن حبان (١١٣٤)، والبيهقي في السنن (١/ ١٥٥) من طريق علي بن عياش، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، بلفظ: كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار.
قال ابن حبان: هذا خبر مختصر من حديث طويل اختصره شعيب بن أبي حمزة متوهما لنسخ إيجاب الوضوء مما مست النار مطلقا وإنما هو نسخ لإيجاب الوضوء مما مست النار خلا لحم الجزور فقط
الثاني: ابن جريج، عن محمد بن المنكدر به.
أخرجه عبد الرزاق (٦٣٩) في المصنف، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٣٢٢)، وابن حبان (١١٣٠). =

<<  <  ج: ص:  >  >>