للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دليل من قال: يكفي وجود الشهوة حال انتقال المني ولو لم يخرج المني.

قالوا: الغسل يجب بوجود الجنابة، وحقيقة الجنابة: هي تباعد الماء عن مكانه مع وجود الشهوة، هذا أصلها في اللغة قال تعالى: {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} (١)، أي البعيد، فإذا انتقل الماء ولو لم يخرج فقد باعد الماء محله، فصدق عليه اسم الجنب، وبالتالي وجب الغسل لوجود الجنابة.

وهذا أضعف الأقوال؛

لأن المعتبر في الأحداث ليس انتقالها، وإنما ظهورها، فالريح والبول والغائط والمذي وسائر الأحداث لا عبرة بانتقالها من مكانها حتى تخرج من البدن، فإذا خرجت بطلت الطهارة، فكذلك المني.

ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علق وجوب الاغتسال بالرؤية.

قال ابن قدامة: " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - علق الاغتسال على الرؤية، وفضخه، بقوله: " إذا رأت الماء " وقوله: " إذا فضخت الماء فاغتسل " فلا يثبت الحكم بدونه، وما ذكره من الاشتقاق لا يصح ; لأنه يجوز أن يسمى جنبا لمجانبته الماء , ولا يحصل إلا بخروجه منه أو لمجانبته الصلاة أو المسجد أو غيرهما مما منع منه, ولو سمي بذلك مع الخروج لم يلزمه وجود التسمية من غير خروج , فإن الاشتقاق لا يلزم منه الاطراد, ومراعاة الشهوة للحكم لا يلزم منه استقلالها به, فإن أحد وصفي العلة وشرط الحكم مراعى له, ولا يستقل بالحكم , ثم يبطل بلمس النساء , وبما إذا وجدت الشهوة هاهنا من غير انتقال; فإن الشهوة لا تستقل بالحكم في الموضعين مع مراعاتها فيه, وكلام أحمد هاهنا إنما يدل على أن الماء إذا انتقل, لزم منه الخروج. وإنما يتأخر,


(١) النساء: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>