للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجمعة إلا به، ولم يأت نص نبوي يقول: «لا يقبل الله صلاة الجمعة إلا بالغسل» كما قيل ذلك في الوضوء، ولو صلى تاركاً للغسل عمداً مع القدرة عليه صحت صلاته، وقد حكي إجماعاً صحة صلاة الجمعة ولو لم يغتسل (١)، وإنما قالوا: الغسل واجب، وليس بشرط، وإذا فهم ذلك فلا يمكن أن تكون قصة عثمان رضي الله عنه مع عمر دليلاً على نفي وجوب الغسل، بل إن الحديث ظاهر في وجوب الغسل، من وجهين:

الأول: كون عمر يقطع الخطبة، ويشتغل بمعاتبة عثمان رضي الله عنه، ويقوم بتوبيخه على رؤوس الناس، كل ذلك دليل على وجوب الغسل، فلو كان ترك الغسل مباحاً لما فعل ذلك عمر رضي الله عنه.

الثاني: أن عمر رضي الله عنه قد أعلن في خطبته، بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل، والأصل في الأمر الوجوب، وإنما لم يرجع عثمان للغسل لضيق الوقت، إذ لو فعل لفاتته الجمعة، خاصة وأن الخطبة كانت على عهد الخلفاء الراشدين قصيرة، كما كانت على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولم يلزم من ذلك تأثيم عثمان؛ لأنه إنما تركه ذاهلاً عن الوقت، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الإنسان إذا خشي لو توضأ أن تفوته الجمعة فإنه يتيمم، فما بالك بالغسل الذي هو مجرد واجب، وليس شرطاً في صحة الصلاة، على أن عثمان قد يكون قد اغتسل في أول النهار، لما ثبت في صحيح مسلم عن حمران، أن عثمان لم يكن يمضي عليه يوم حتى يفيض عليه الماء (٢)، وإنما لم يعتذر بذلك


(١) الفتح تحت رقم (٨٧٩).
(٢) صحيح مسلم (٢٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>