للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قال القرافي في كتابه الفروق: «فأما ضابط ما تشرع فيه التسمية من القربات، وما لم تشرع، فيه فقد وقع بحث مع جماعة من الفضلاء، وعسر تحرير ذلك وضبطه، ثم قال: والقصد من هذا الفرق بيان عسره، والتنبيه على طلب البحث عن ذلك، فإن الإنسان قد يعتقد أن هذا لا إشكال فيه، فإذا نبه على الإشكال استفاده، وحثه ذلك على طلب جوابه» (١).

قلت: رحمك الله رحمة واسعة يا أحمد بن إدريس القرافي، فلقد طلبت في بحثي هذا حديثاً صحيحاً أو ضعيفاً في مشروعية التسمية في غسل الجنابة، ولم أقف عليه حتى كتابة هذه السطور، وليس في قلبي شيء من عدم مشرعية التسمية في غسل الجنابة، فيبعد أن تكون التسمية مشروعة، ثم لا تأتي في الأحاديث التي تنقل لنا صفة الغسل من الجنابة، فهل يتصور أن يتتابع الصحابة على إهمال ترك التسمية، وعدم نقلها للأمة مع ثبوت مشروعيتها، ولو كانت التسمية من دين الله لحفظها الله سبحانه وتعالى، فإن الله سبحانه وتعالى قال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (٢)، وحفظ الكتاب إنما يكون أيضاً بحفظ الشرع، فلا يمكن أن يكون شيء من شرع الله غير محفوظ لنا، ودع عنك أيها القارئ الكريم متابعة جمهور الفقهاء بلا نور من كتاب الله سبحانه وتعالى، أو حجة من هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنهما الحجة


= ما أريد أن يطلع عليه القارئ؛ ليعلم أن إنكار التسمية في الوضوء والغسل كان ثابتاً من لدن السلف، وقد سبق أن نقلت إنكار مالك للتسمية على الوضوء، وقوله: ما سمعت بهذا، أيريد أن يذبح "؟.
(١) أنواع البروق في أنواع الفروق (١/ ١٣٢).
(٢) الحجر: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>