للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولفظ البخاري: «فأخذ بكفه، فبدأ بشق رأسه الأيمن، ثم الأيسر، فقال بهما على وسط رأسه» (١).

وتعقب ابن رجب كلام القرطبي في شرحه لصحيح البخاري، فقال عن كلامه: وهو خلاف الظاهر، قال: «والظاهر، والله أعلم أنه يعم رأسه بكل مرة، ولكن يبدأ في الأولى بجهة اليمين، وفي الثانية: بجهة اليسار، ثم يصب الثالثة على الوسطى» (٢).

قلت: كلام ابن رجب هو الذي خلاف الظاهر، فلو كان المقصود هو فقط البداءة باليمين إلى نهاية الرأس، فلماذا يقدم الجهة اليسرى على وسط الرأس، فإن الجانب الأيسر لا يعرف في الشرع تقديمه على غيره، وكان الأفضل بعد تقديم الجهة اليمنى أن يبدأ بأعلى الرأس، فالظاهر أنه بدأ بجوانب الرأس مقدماً فيه اليمين لاستحباب تقديم اليمين، ثم أنهى ذلك بأعلى الرأس، ثم هي غرفة واحدة، كيف تكفي في كل مرة من جانب الرأس الأيمن إلى أعلاه، وصولاً إلى جانبه الأيسر وانتهاء بمؤخرة الرأس؟ فلو كانت هذه الصفة هي المنقولة، لجاءت صريحة في الحديث، ثم القول بعدم تثليث الرأس يطرد مع بقية أعمال الغسل، فقد ثبت لنا أن الوضوء ليس فيه تكرار، وسبق بحثه، وأن سائر البدن فيما عدا الرأس لا يشرع فيه تكرار، كما سيأتي إثباته إن شاء الله تعالى، فما بال الرأس يستثنى من سائر الجسم، فالقول بعدم تكرار غسله متسق مع القول بأنه لا يشرع تكرار في سائر أحكام الغسل، وكنت فيما سبق أرى سنية غسل الرأس ثلاثاً، ثم بعد التأمل رأيت أن القول بعدم تكرار غسل الرأس، هو الراجح، والله أعلم.


(١) البخاري (٢٥٨).
(٢) شرح ابن رجب للبخاري (١/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>