للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيها تيسير على الأمة، بدعوى أن الناس قد يتهاونون، فيتجاوزن الحد المباح إلى الوقوع في المحرم، وهذا ليس من الفقه في شيء، واستحسان مخالف لمقاصد الشارع وقواعد الشرع.

إن تعامل بعض الناس مع الخلاف يكشف لك أننا نعاني من أزمة حقيقية في التعامل مع الخلاف الفقهي، ونظن أن بالإمكان إلغاء الخلاف المحفوظ، وأننا بالقدر الذي نسفه فيه قول المخالف نردع الناس من الأخذ به وقبوله، ونعتقد بأن هذا الأسلوب يكفل لنا ترويج اختياراتنا الفقهية، ولذا إذا أتينا إلى أدلة المخالفين، نضع عنوانين تحكي نزعة الإلغاء والازدراء للقول الآخر، فيقول بعضهم: شبهات القائلين بالجواز، فنجعل أدلتهم مجرد شبهات، وليست أدلة قائمة، حتى ولو كان هذا القول هو قول الجمهور، وكأننا قد نزل علينا الوحي بأن قولنا هو الصواب، بينما المطلوب منا أن نتعامل مع تراث المسلمين الفقهي بشيء من الاحترام بصرف النظر عن الصواب والخطأ، وأن تكون عباراتنا بالترجيح تعكس مقدار الأدب الإسلامي المأمور به شرعاً، فنتجنب قدر المستطاع القطع في مسائل الخلاف، ونتجنب القول بأن هذا القول ساقط أو باطل، أو ليس عليه آثارة من علم، أو هذا القول سبب في رقة الدين، أو هذا قول شاذ، مع العلم أنه مذهب جماهير أهل العلم.

إنني لا أدعو إلى اتباع قول الجمهور، لكونه كذلك، ومن قرأ البحوث السابقة تأكد له ذلك، ولكن مع وجوب اتباع ما يترجح يجب احترام قول الجمهور، بل وكل قول عالم من علماء هذه الأمة مع بيان الخطأ بالدليل الشرعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>