للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يجد الماء عشر سنين " (١).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: " وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً " (٢).

والطهور: ما يطهر غيره.

وأما موافقته للمعقول، فإن طهارة الخبث إذا أمكن إزالتها بالتراب، وهي عين خبيثة، وطهارتها معقولة المعنى، كما في الاستجمار، وكما في طهارة النعل بدلكها بالتراب، وكما في تطهير الإناء من ولوغ الكلب ونحوها من النجاسات، فلأن يطهر التراب طهارة الحدث، والتي هي ليست عن نجاسة أصلاً من باب أولى، فما كان له قوة في إزالة النجاسة، كان له قوة في رفع الحدث بشرطه كالماء والتراب.

وأما كونه في عضوين، يقول ابن القيم: " فهذا في غاية الموافقة للقياس، فإن وضع التراب على الرؤوس مكروه في العادات، وإنما يفعل عند المصائب والنوائب، والرجلان محل ملابسة التراب في أغلب الأحوال، وفي تتريب الوجه من الخضوع، والتعظيم لله، والذل له، والإنكسار لله ما هو من أحب العبادات إليه وأنفعها للعبد، ولذلك يستحب للساجد أن يترب وجهه لله، وأن لا يقصد وقاية وجهه من التراب كما قال بعض الصحابة لمن رآه قد سجد، وجعل بينه وبين التراب وقاية فقال: " ترب وجهك " وهذا المعنى لا يوجد في تتريب الرجلين.

وأيضاً فموافقة ذلك للقياس من وجه آخر: وهو أن التيمم جعل في


(١) سبق تخريجه في كتابي أحكام الطهارة، المياه والآنية، رقم (٣٩)، وهو جزء من هذه السلسلة.
(٢) سبق تخريجه في المبحث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>