للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي - صلى الله عليه وسلم - التيمم بفعله وقوله " التيمم للوجه والكفين " فرجع الصحابة كلهم إلى بيانه - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم عمار راوي الحديث، فإنه أفتى أن التيمم ضربة للوجه والكفين " (١).

وهذا الجواب لا حاجة إليه مع تضعيف حديث عمار من طريق الزهري، لأنه يبعد كل البعد أن يكون التيمم نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم في السفر، ثم يتيمم أصحابه رضي الله عنهم دون أن يسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صفة التيمم، مع حرصهم على متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الدقيق والجليل، وإمكان الرجوع إلى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في معرفة تلك الصفة، وعلى فرض أن يكون بعضهم فعل ذلك اجتهاداً مع وجود الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينهم، فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان سيعلم ذلك إما من الوحي لمخالفته الصفة المشروعة، وإما من الناس خاصة إذا شاهدوا تيمم الرسول - صلى الله عليه وسلم - مخالفاً لما فعلوه، وهذا إنما نقوله في المناظرة، وإلا فهو بعيد جداً، ولم يكن الصحابة يجتهدون إلا حيث لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم، وأما إذا كان معهم فإنه يرجعون إليه، ويصدرون عنه، فالصواب أن حديث عمار من طريق الزهري حديث مضطرب، وقد بينت اختلاف أصحاب الزهري عليه في إسناده في أول كتاب التيمم، وهذا الذي دفع ابن عبد البر أن يقول: " أحاديث عمار في التيمم كثيرة الاضطراب، وإن كان رواتها ثقات " (٢).


(١) شرح ابن رجب للبخاري (٢/ ٢٥٢).
(٢) الاستذكار (٣/ ١٦٥). قلت: ينبغي أن يستثني من حديث عمار ما كان منه في الصحيحين، وقد نص على أن التيمم في الوجه والكفين، وما خالف ذلك فإنه حديث ضعيف أو موقوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>