للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحال الثانية: أن يكون مالكها يشتري المحصول بعد حصاده ليبيعه، فتجب فيها زكاة التجارة؛ لأنها عروض تجارة، ولم تصدق عليها أحكام زكاة الزروع والثمار؛ لأنها إنما تكون عند الحصاد؛ لعموم الآية: {وَكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (١). ولذلك قال الإمام مالك -رحمه الله-: "والأمر عندنا في الرجل يشتري بالذهب أو الورق حنطة أو تمرًا أو غيرهما للتجارة، ثم يمسكها حتى يحول عليها الحول، ثم يبيعها، أن عليه فيها الزكاة حين يبيعها إذا بلغ ثمنها ما تجب فيه الزكاة، وليس ذلك مثل الحصاد يحصده الرجل من أرضه، ولا مثل الجداد".

وقال في المنتقى معلقًا على كلام الإمام مالك: "وهذا كما قال، أنه إذا اشترى حنطة أو تمرًا للتجارة ثم باعه بعد الحول، فإنَّه يزكي ثمنه زكاة الأثمان، ولا يزكيه زكاة الحبوب؛ لأنَّ الحبوب إنَّما تزكى زكاتها عند تنميتها على وجه الحرث وهو الزراعة، والتنمية بالتجارة إنَّما هي تنمية الذهب والفضة، والذي يراعى في ذلك جهة التنمية، فإن كانت من جهة الزراعة روعي فيها نصاب الحب، وكانت الزكاة في عينه، وإذا كانت التنمية بالتجارة روعي نصاب الثمن، وكانت الزكاة في قيمة الحب دون عينه" (٢).

علمًا بأنَّ القدر الواجب في الحالين المذكورتين إنَّما يجب إخراجه بعد تحقق ما يلي:


(١) سورة الأنعام (١٤١).
(٢) المنتقى شرح الموطأ ٢/ ١٢٢ - ١٢٣، ولم أقف على خلاف ما نص عليه الإمام مالك عند أئمة المذاهب، والذي يظهر هو أن الخلاف منحصر فيما زُرع وأعد للتجارة، وأما الذي اشتري ليباع فهو من عروض التجارة، مع كونهم لم ينصوا على ذلك سوى ما ذكرت من كلام الإمام مالك، انظر: المجموع ٦/ ٨، والمغني ٤/ ٢٥٦.

<<  <   >  >>