للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القولين:

أدلة القول الأول:

لم أقف لهذا القول على دليل صريح، إلا ما يمكن أن يلتمس له من التعليل:

١ - بالتيسير على الناس، ودفع المشقة عنهم، وذلك إذا كانت الضرائب ظالمة (١).

٢ - فأما إن كانت الضرائب مما يراعى فيها العدل، فيُعَلَّلُ لها -إضافةً إلى ما سبق- تحقيق الضريبة العادلة لمقصد الزكاة من سَدِّ خَلَّة الفقراء واستصلاح حالهم (٢).

ويجاب عن ذلك: بأن الزكاة عبادة مفروضة لها أركانها وشروطها، فلا يقوم غيرها مقامها بقصد التيسير، وإنما التيسير فيما تحتمله النصوص لا فيما ينافرها، وما أخذ من المال ظلما من مالكه؛ فإنه يرجى له الأجر عليه، وأن يخلفه الله له، كما أن هذا القدر يخصم من الوعاء الزكوي الذي تجب فيه الزكاة، وهو نوع من التيسير.


(١) ينظر: فقه الزكاة ٢/ ١١٧٥.
(٢) يفهم ذلك من كلام بعض المعاصرين كأبي زهرة في قوله: إن هذه الضرائب إلى الآن لم يخصص منها مقادير ذات قيمة للتكافل الاجتماعي، وإن المقصد الأصلي من الزكاة هو سد الخلل الاجتماعي، وهي مطلوبة قبل كل شيء، وقد تُغْنِي عن بعض الضرائب، ولكن الضرائب القائمة لا يمكن أن تغني عنها؛ لأنها لم تسد إلى الآن حاجات الفقراء، ولا بد أن تسد. تنظيم الإسلام والمجتمع ص ١٦٥، نقلا من فقه الزكاة ٢/ ١١٨٠، وقد تعقبه الدكتور القرضاوي بعد ذلك بقوله: وفي هذا الجواب من شيخنا أبي زهرة تساهل ملحوظ؛ لأن مفهومه أن الضرائب إذا خصصت منها مقادير ذات قيمة للتكافل الاجتماعي، وسد حاجات الفقراء،؛ فإنها يمكن أن تغني عن الزكاة. مع أن الزكاة لا يُسْقِطُها شيء، ولا يُغْنِي عنها شيءٌ قط، فهي فريضة فرضها الله، فلا يملك نَسْخَهَا أو تجميدَها العباد، ولا بد أن تؤخذ باسمها ورسمها ومقاديرها وبشروطها، وتُصْرَف في مصارفها التي عينها الله في كتابه.

<<  <   >  >>