للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونوقش: بأن المقصود الإغناء المقيد عن المسألة، لا الإغناء المطلق، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أغنوهم عن المسألة هذا اليوم " (١) (٢).

ويجاب: بأن الحديث لا يصح، وعلى التسليم بصحته فإنه مختص بزكاة الفطر؛ لأنها مقدار محدد واجب على الغني والفقير الذي يملك قوت يومه، ولا يزيد مقدارها بزيادة المال، أما في زكاة المال فالمقصود هو تحقيق الكفاية.

الترجيح: الذي يترجح أنه لا حدَّ مُقَدَّرًا شرعًا للكفاية التي يستحقها الفقير من الزكاة، ولذا فإن كل موضع بحسبه، فمن الفقراء من يستطيع تحقيق الغنى بالعمل والاكتساب، ولكن تنقصه أدوات العمل وآلاته، فيمكن أن يُشترى له ذلك من الزكاة ولو كانت قيمتها أكثر من كفاية السنة، ومن الفقراء مَنْ هو مُكْتَسِبٌ، لكن لا يفي اكتسابه بحاجته، فيشرع له الأخذ من الزكاة (٣)، ومنهم ضعيف لا يمكنه الاكتساب، فإن كان يغلب على الظن تحصيله للزكاة كلَّ حَوْل، فإن الأولى أن يُعْطى كفاية السنة؛ لتمكين الفقراء غيره من الإفادة من الزكاة، أما إن غلب على الظن عدم تحصيله كفايةَ السنة كل حول من الزكاة، فإنّ للمزكي إعطاءَه كفاية العمر، لا سيما


(١) رواه الدارقطني، كتاب زكاة الفطر، برقم: (٦٧) (٢/ ١٥٢)، بلفظ: "أغنوهم في هذا اليوم" وضعفه الزيلعي وغيره كما في نصب الراية: (٢/ ٥٢٢) وقال عنه: "غريب". ومدار الحديث على أبي معشر، وضعفه ابن حجر في الفتح (٣/ ٣٧٥) تحت باب: قوله باب الصدقة قبل العيد، وضَعَّفه الألباني في إرواء الغليل برقم: (٨٤٤) (٣/ ٣٣٢).
(٢) ينظر: الأموال ١/ ٦٧٦.
(٣) كما نص الشافعية على ذلك، قال النووي في المجموع ٦/ ١٧١: "أما الكسب فقال أصحابنا: يشترط في استحقاقه سهمَ الفقراء ألا يكون له كسبٌ يقع موقعا من كفايته كما ذكرنا في المال، ولا يشترط العجز عن أصل الكسب، قالوا: والمعتبر كسبٌ يليق بحاله ومروءته، وأما ما لا يليق به فهو كالمعدوم".

<<  <   >  >>