للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإشارة إلى خلافهم حول مقدارها (١)، فمن اعتبر كفاية العمر، فإن تزويج الفقراء ضمن ذلك بلا ريب؛ لكون الزواج من الحاجات الأساسية التي تنفق في مثلها الزكاة، بل قد نص بعض الشافعية على ذلك (٢)، أما من قيَّد مقدار الكفاية بالسنة؛ فإنه يتخرج على قولهم - فيما أرى - جواز صرف الزكاة للفقراء في حاجيات النكاح الضرورية التي تُقَارِب كفاية السنة، لا جواز صرفها لتحمل جميع تكاليف الزواج وإن كثرت، وقد أشار لنحو هذا المعنى بعض المالكية (٣)، وقد تقرر بناءً على ما رجحنا في مقدار الكفاية المستحقة للفقير جوازُ صرف الزكاة في تزويج الفقير العاجز عن تكاليف الزواج، وقد اختار ذلك كثير من فقهاء العصر وأفتوا به، وليس ثم دليل يمنع من تحفل الزكاة لتكاليف الزواج، بل إن الأدلة تدل عليه ومن ذلك:

١ - حديث قبيصة بن المخارق رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة، - وذكر منهم - ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال: سدادًا من عيش - ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال: - سدادًا من عيش. . " (٤).


(١) ينظر: المطلب الثاني من هذا البحث.
(٢) كما في حاشية الرملي ١/ ٣٩٤، حيث قال: "أفتى ابن البزري بأن من نذر صوم الدهر ولا يمكنه أن يكتسب مع الصوم فله الأخذ من الزكاة، وأنه لو كان يكتسب من مطعم وملبس ولكنه محتاج إلى النكاح فله أخذها لينكح؛ لأنه من تمام كفايته".
(٣) قال في حاشية الدسوقي ١/ ٤٩٣: "فائدة: نقل المواق عن ابن الفخار أنه لا يعطى من الزكاة شيء في شوار يتيمة، وفي الخطاب عن البرزلي عن بعض شيوخه الجواز، ومثله في المعيار عن ابن عرفة: أنه سئل عن ذلك فأجاب بأن اليتيمة تعطى من الزكاة ما يصلحها من ضروريات النكاح والأمر الذي يراه القاضي حسنا في حق المحجور"، قال الخطاب في مواهب الجليل ٢/ ٣٤٧: "فعلى هذا فمن ليس معها من الأمتعة والحلي ما هو من ضروريات النكاح تُعطى من الزكاة من باب أولى".
(٤) تقدم تخريجه (ص ٣٤٧).

<<  <   >  >>